الحلقة الخامسة:الزيارة
alzahra2 :: الفئة الأولى :: قسم الشبهات والردود :: مقالات العلماء :: مقالات سماحة السيد هاشم الهاشمي
صفحة 1 من اصل 1
الحلقة الخامسة:الزيارة
أهم ما دار في خمس حلقات من برنامج "ليالي عاشوراء" الذي بث على قناة "الأنوار" الفضائية في شهر محرم الحرام من عام 1426هـ حول الشعائر الحسينية، مع لفت الأنظار إلى وجود بعض الزيادة أو النقيصة غير المخلة بين ما هو مدون هنا وما هو مبثوث على القناة كما هي العادة الجارية في اللقاءات التلفزيونية التي تتحكم فيها أمور متغيرة توجب عدم الاقتصار على نص الأسئلة والأجوبة، وخاصة مع ملاحظة ضيق وقت البرنامج الموجب لعدم التطرق لبعض المقاطع في بعض الأجوبة، وأحيانا حذف بعض الأسئلة والأجوبة المعدة لها بالكامل، والتي بلغت في بعض الحلقات النصف تقريبا، مما دعا إلى إدراجها مع أجوبتها تعميما للفائدة.
الحلقة الخامسة:الزيارة
* وصية النبي (ص) بزيارة القبور
سؤال: هل هناك تواصي بالزيارة من قبل رسول الله (ص)؟
الجواب:
أصل زيارة القبور والموتى من الأمور التي دعا إليها رسول الله (ص)، وقد جاء ذلك في صحيح مسلم عن عائشة أنها قالت:
"كلما كان ليلتها من رسول الله (ص) يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول:
«السلام عليكم دار قوم مؤمنين .... الخ». (صحيح مسلم ج3 ص63)
أما جاء عن أئمة أهل البيت (ع) فيما رووه عن فعل رسول الله (ص) فمن ذلك ما رواه ابن قولويه في كامل الزيارة عن أبي عبد الله (ع):
«كان رسول الله (ص) يخرج في ملأ من الناس من أصحابه كل عشية خميس إلى بقيع المدنيين فيقول: "السلام عليكم يا أهل الديار" ثلاثا، "رحمكم الله" ثلاثا». (الوسائل ج3 ص224 ح3 ط آل البيت)
* الزيارة وآثارها العقائدية والسلوكية
سؤال: ما أثرها النفسي .... أثرها العقائدي ... السلوكي؟
الجواب:
في زيارة القبور آثار مهمة، ففي الجانب النفسي تسبب سكينة للنفس عندما تكون قريبة من المدفون، كما أن الزائر يستشعر التواصل مع الميت وخاصة إذا كان صاحب فضائل، فهو لايزال حيا في قلبه ومآثره وفضائله ماثلة أمامه.
كما أنه عندما يهدي له ثواب الأعمال من قراءة القرآن على قبره يشعر أنه قد أحسن إليه أو أدى بعض الحقوق التي كانت للميت عليه وخاصة الوالدين.
أما في الجانب العقائدي، فهي تعزز إيمان الإنسان باليوم الآخر فزيارة القبور تذكر الآخرة، فزائر القبور يعلم أن هناك يوما آخر سيقف فيه للحساب بين يدي الله عز وجل.
وفي الجانب السلوكي تجعل المؤمن يعد العدة لمثل ذلك اليوم الذي سيقبر فيه، فزيارة القبور تذكر بالموت وتجعل المرء يتوب إلى الله من ذنوبه ويعدل من سلوكه.
* زيارة ذرية النبي (ص) والبدعة
سؤال: لماذا تنكر بعض الطوائف زيارة أولاد رسول الله (ص) وتعتبرها بدعة؟
الجواب:
البعض يكون إنكاره عن جهل فؤلاء ينبغي تفهيمهم، والبعض الآخر وللأسف لديهم إصرار على المنهج الأموي الذي كان يبعد الناس عن كل شيء يعزز الارتباط بأهل البيت (ع)، فتجدهم حساسين أشد الحساسية من فضائل أهل البيت (ع) كما كان الأمر عند الأمويين.
وتوضيحا لمن التبس عليه الأمر نقول:
إذا كان اعتراضكم على أصل زيارة القبور فإن النبي (ص) دعا إلى زيارتها بشكل عام بروايات صحيحة وردت في الصحاح والمسانيد، فلماذا نستثني أولاد رسول الله (ص) من هذا الحكم؟
وإذا كان اعتراضهم على مسائل أخرى، فنسأل ما هي؟
هل هي شد الرحال إلى قبور ذرية النبي (ص)، فإذا كان هذا هو المحذور فإن بعض المتعصبين كانت لديه المشكلة في شد الرحال إلى شخص النبي (ص)، وقد رد علماء أهل السنة على ابن تيمية الذي منع السفر لزيارة قبر النبي (ص) ومنهم تقي الدين السبكي الشافعي في كتابه "شفاء السقام في زيارة خير الأنام" وأثبت أن المستثنى في حديث لا تشد الرحال إنما هو المسجد فقط لا غيره من الأماكن فالمعنى لا تشد الرحال إلى مسجد إلا ثلاثة مساجد، لا أن المعنى لا تشد الرحال إلى مكان إلا ثلاثة مساجد لأن لازمه أن يكون السفر لطلب العلم أو التجارة أو السياحة منهيا عنه، وهذا ما لا يلتزم به أحد.
أما إذا كان من جهة تقبيل القبر والتمسح به فإن عبد الله بن أحمد بن حنبل يسأل أباه وكما هو منقول في كتاب العلل ج2 ص492 عن الرجل يمس منبر رسول الله (ص) يتبرك بمسه وتقبيله، ويفعل بالقبر ذلك رجاء ثواب الله، فقال: لا بأس به.
وأما إن كان من جهة التوسل بصاحب القبر ففي الموسوعة الفقهية الكويتية ج14 ص156 جاء التالي: اختلف الفقهاء في مشروعية التوسل بالنبي بعد وفاته على أقوال:
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء المالكية والشافعية ومتأخرو الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة إلى جواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبي أو بعد وفاته.
واستشهدت الموسوعة بأدلة كثيرة ليس هذا مجال طرحها وأكتفي بنقل حادثة في هذا الخصوص ذكرت في الموسوعة الفقهية وقد رواها أبو الحسن علي بن فهر في فضائل مالك بإسناد لابأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه، تقول الحادثة أن أباجعفر المنصور سأل مالكا:
أاستقبل رسول الله وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟
فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم (ع) إلى الله عز وجل؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله.
وجاء في الموسوعة أن الذي شذ في القول في مسألة التوسل هو ابن تيمية وبعض الحنابلة المتأخرين. وإذا كانت البدعة في أمور أخرى فلابد من تحديدها لتناقش مفردة مفردة.
* المبالغة في ثواب زيارة الإمام الحسين (ع)
سؤال: لماذا بالغ الرسول في فضل زيارة الحسين (ع) لزوجته أم المؤمنين عائشة، فكلما استفهمت منه عن سبب زيارة فضل الزيارة وإنها تعدل حجة من حججه حتى أوصلها تسعين؟
الجواب:
الرواية التي ذكرتها وردت في كامل الزيارة ص144 ح1 عن الإمام الصادق (ع)، وهناك روايات صحيحة وكثيرة وردت عن الأئمة (ع) تؤكد مضمون الرواية السابقة.
والسر في ذلك كما قال بعض علمائنا وهو العلامة المجلسي أن المقصود هو تباين الأشخاص والأعمال وقلة الخوف والمسافة وكثرتهما، فإن كل عمل من أعمال الخير يختلف ثوابها باختلاف مراتب الإخلاص والمعرفة والتقوى وسائر الشرائط التي توجب كمال العمل. (البحار ج98 ص44)
* زيارة الحسين (ع) أم الحج إليه؟
سؤال: هل صحيح ما تنشره بعض الجماعات بأن حج الشيعة هو للحسين (ع) وليس لمكة ولبيت الله الحرام؟ وهل تغني هذه الزيارة عن الحج الأكبر؟
الجواب:
هذه من جملة الافتراءات على الشيعة، حتى هذه الساعة تعمد بعض القنوات الإخبارية المغرضة على التعبير عن زوار قبور أئمة أهل البيت (ع) بالحجاج.
الحج في اللغة بمعنى القصد، ولايوجد مانع لغوي من أن نقول أنني حججت إلى القاهرة كما تقول إنني حججت إلى مكة، ولكن حيث أن الشريعة الإسلامية استعملته في خصوص الحج إلى بيت الله الحرام لأداء المناسك فقد اختصت الكلمة بهذه الفريضة، ومن ثم لايستعملها المسلمون في غير الحج لبيت الله الحرام.
ولايوجد في أي رواية من الروايات التي نقلها محدثو الشيعة عن أهل البيت (ع) أنهم عبروا عن الزيارة والزائر بالحج والحاج، كما لم يعبر أي واحد من فقهاء الشيعة عن الحج بالزيارة.
وهذه كتب الشيعة بين أيديكم.
وفقهاء الشيعة يصرحون أن الإنسان إذا صار مستطيعا ولم يحج حجة الإسلام الواجبة فإنه يجب عليه أن يحج إلى بيت الله الحرام، ولايجوز له أن ينصرف عنه إلى أي مكان آخر.
نعم هناك في روايات أهل البيت (ع) ما يدل على أن ثواب الزيارة المستحبة للإمام الحسين (ع) في يوم عرفة مثلا أكثر من الحج المستحب، ولقد انطلق هؤلاء المغالطون لكي يخلطوا بين الحج الواجب والحج المستحب.
فلاتقدم الزيارة المستحبة على الحج الواجب.
نعم ورد في بعض الروايات ما يدل على أفضلية بعض الزيارات المستحبة على الحج المستحب، وتقديم بعض الأعمال المستحبة على الأخرى كثير في أحاديث الرسول (ص)، فالهيثمي ينقل في باب فضل قضاء الحوائج من مجمع الزوائد ج8 ص192 عن ابن عباس، عن النبي (ص) أنه قال:
«من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكافه عشر سنين، ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق كل خندق أبعد ما بين الخافقين».
ثم عقب الهيثمي بالقول:
"رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده جيد".
* أهم أعمال الزيارة
سؤال: ما هي الزيارة؟ وما أعمالها؟ هل هي قبلة للزائر كما هي قبلة الحاج لمكة؟
الجواب:
الزيارة عبارة عن قدوم الزائر إلى قبر المزور، والسلام عليه كما كان يفعل رسول الله (ص) عند زيارته البقيع، وأهم أعمالها قراءة نص الزيارة والصلاة ركعتين تطوعا يهدى ثوابهما للمزور، وهناك آداب مذكورة في كتب الزيارات من قبيل الوقوف أمام القبر بوقار أو تقبيل القبر أو القدوم بطهارة وغير ذلك.
أما مسألة قبلة الزائر فهي الكعبة المشرفة قبلة كل المسلمين ولم يقل أحد من الشيعة لا من علمائهم ولا من عوامهم بأن الشخص يتوجه في صلاته نحو القبر بدلا من القبلة.
أما أثناء الزيارة فالشخص يتوجه نحو القبر سواء كانت القبلة بنفس الإتجاه أم لا، والمسلمون اليوم عندما يزورون النبي (ص) ويسلمون عليه فإنهم يعطون ظهرهم للقبلة أثناء السلام على النبي (ص).
أما إذا لاحظنا المزور من ناحية معنوية فإن رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) والإمام الحسين (ع) وبقية المعصومين (ع) هم قبلة للقلوب المحبة والمتعطشة، ولهذا تهفو القلوب إلى زيارة قبورهم.
* مضامين الزيارة
سؤال: ماذا نقول بالزيارة .... وما محتواها؟
الجواب:
أستطيع القول أن أئمة أهل البيت استطاعوا أن يبقوا على كثير من العقائد الحقة من خلال الزيارة، لأن الزيارة يلتزم بقراءتها الجميع، العالم وغير العالم، والزيارات تشكل مدرسة متكاملة من حيث المفاهيم، وتحتوي على أفكار أساسية:
منها: أن الإمام الحسين هو امتداد الأنبياء والنبي (ص) وأهل البيت فهو وارث آدم ونوح وموسى وعيسى وإبراهيم ومحمد (ص) وعلي والحسن والزهراء (ع).
منها: أن البراءة واللعن من أعدائه وقاتليه وتحديدهم بالأسماء وخاصة بني أمية وأتباعهم وكل من رضي بقتل الحسين (ع).
وليس هذا بغريب، فقد روى الحاكم في المستدرك ج4 ص481 عن أبي برزة الأسلمي قال:
«كان أبغض الأحياء إلى رسول الله بنو أمية».
وقال الحاكم: أنه حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم واعترف الذهبي بذلك أيضا.
ومنها: الشهادة للإمام الحسين (ع) أنه أقام الصلاة وآتى الزكاة وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وجاهد في الله حق جهاده حتى بذل دمه واستبيح حريمه.
ومنها: سؤال الله عز وجل أن يرزق الزائر طلب ثأر الإمام الحسين مع الإمام المهدي (ع).
ومنها: بيان فداحة المصيبة بحيث أنها مصيبة عظيمة في السماوات والأرض.
ومنها: إعلان الموالاة للإمام الحسين وأهل بيته، وأننا سلم لهم وحرب على أعدائهم.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن سالمهم وحارب عدوهم.
الحلقة الخامسة:الزيارة
* وصية النبي (ص) بزيارة القبور
سؤال: هل هناك تواصي بالزيارة من قبل رسول الله (ص)؟
الجواب:
أصل زيارة القبور والموتى من الأمور التي دعا إليها رسول الله (ص)، وقد جاء ذلك في صحيح مسلم عن عائشة أنها قالت:
"كلما كان ليلتها من رسول الله (ص) يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول:
«السلام عليكم دار قوم مؤمنين .... الخ». (صحيح مسلم ج3 ص63)
أما جاء عن أئمة أهل البيت (ع) فيما رووه عن فعل رسول الله (ص) فمن ذلك ما رواه ابن قولويه في كامل الزيارة عن أبي عبد الله (ع):
«كان رسول الله (ص) يخرج في ملأ من الناس من أصحابه كل عشية خميس إلى بقيع المدنيين فيقول: "السلام عليكم يا أهل الديار" ثلاثا، "رحمكم الله" ثلاثا». (الوسائل ج3 ص224 ح3 ط آل البيت)
* الزيارة وآثارها العقائدية والسلوكية
سؤال: ما أثرها النفسي .... أثرها العقائدي ... السلوكي؟
الجواب:
في زيارة القبور آثار مهمة، ففي الجانب النفسي تسبب سكينة للنفس عندما تكون قريبة من المدفون، كما أن الزائر يستشعر التواصل مع الميت وخاصة إذا كان صاحب فضائل، فهو لايزال حيا في قلبه ومآثره وفضائله ماثلة أمامه.
كما أنه عندما يهدي له ثواب الأعمال من قراءة القرآن على قبره يشعر أنه قد أحسن إليه أو أدى بعض الحقوق التي كانت للميت عليه وخاصة الوالدين.
أما في الجانب العقائدي، فهي تعزز إيمان الإنسان باليوم الآخر فزيارة القبور تذكر الآخرة، فزائر القبور يعلم أن هناك يوما آخر سيقف فيه للحساب بين يدي الله عز وجل.
وفي الجانب السلوكي تجعل المؤمن يعد العدة لمثل ذلك اليوم الذي سيقبر فيه، فزيارة القبور تذكر بالموت وتجعل المرء يتوب إلى الله من ذنوبه ويعدل من سلوكه.
* زيارة ذرية النبي (ص) والبدعة
سؤال: لماذا تنكر بعض الطوائف زيارة أولاد رسول الله (ص) وتعتبرها بدعة؟
الجواب:
البعض يكون إنكاره عن جهل فؤلاء ينبغي تفهيمهم، والبعض الآخر وللأسف لديهم إصرار على المنهج الأموي الذي كان يبعد الناس عن كل شيء يعزز الارتباط بأهل البيت (ع)، فتجدهم حساسين أشد الحساسية من فضائل أهل البيت (ع) كما كان الأمر عند الأمويين.
وتوضيحا لمن التبس عليه الأمر نقول:
إذا كان اعتراضكم على أصل زيارة القبور فإن النبي (ص) دعا إلى زيارتها بشكل عام بروايات صحيحة وردت في الصحاح والمسانيد، فلماذا نستثني أولاد رسول الله (ص) من هذا الحكم؟
وإذا كان اعتراضهم على مسائل أخرى، فنسأل ما هي؟
هل هي شد الرحال إلى قبور ذرية النبي (ص)، فإذا كان هذا هو المحذور فإن بعض المتعصبين كانت لديه المشكلة في شد الرحال إلى شخص النبي (ص)، وقد رد علماء أهل السنة على ابن تيمية الذي منع السفر لزيارة قبر النبي (ص) ومنهم تقي الدين السبكي الشافعي في كتابه "شفاء السقام في زيارة خير الأنام" وأثبت أن المستثنى في حديث لا تشد الرحال إنما هو المسجد فقط لا غيره من الأماكن فالمعنى لا تشد الرحال إلى مسجد إلا ثلاثة مساجد، لا أن المعنى لا تشد الرحال إلى مكان إلا ثلاثة مساجد لأن لازمه أن يكون السفر لطلب العلم أو التجارة أو السياحة منهيا عنه، وهذا ما لا يلتزم به أحد.
أما إذا كان من جهة تقبيل القبر والتمسح به فإن عبد الله بن أحمد بن حنبل يسأل أباه وكما هو منقول في كتاب العلل ج2 ص492 عن الرجل يمس منبر رسول الله (ص) يتبرك بمسه وتقبيله، ويفعل بالقبر ذلك رجاء ثواب الله، فقال: لا بأس به.
وأما إن كان من جهة التوسل بصاحب القبر ففي الموسوعة الفقهية الكويتية ج14 ص156 جاء التالي: اختلف الفقهاء في مشروعية التوسل بالنبي بعد وفاته على أقوال:
القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء المالكية والشافعية ومتأخرو الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة إلى جواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبي أو بعد وفاته.
واستشهدت الموسوعة بأدلة كثيرة ليس هذا مجال طرحها وأكتفي بنقل حادثة في هذا الخصوص ذكرت في الموسوعة الفقهية وقد رواها أبو الحسن علي بن فهر في فضائل مالك بإسناد لابأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه، تقول الحادثة أن أباجعفر المنصور سأل مالكا:
أاستقبل رسول الله وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟
فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم (ع) إلى الله عز وجل؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله.
وجاء في الموسوعة أن الذي شذ في القول في مسألة التوسل هو ابن تيمية وبعض الحنابلة المتأخرين. وإذا كانت البدعة في أمور أخرى فلابد من تحديدها لتناقش مفردة مفردة.
* المبالغة في ثواب زيارة الإمام الحسين (ع)
سؤال: لماذا بالغ الرسول في فضل زيارة الحسين (ع) لزوجته أم المؤمنين عائشة، فكلما استفهمت منه عن سبب زيارة فضل الزيارة وإنها تعدل حجة من حججه حتى أوصلها تسعين؟
الجواب:
الرواية التي ذكرتها وردت في كامل الزيارة ص144 ح1 عن الإمام الصادق (ع)، وهناك روايات صحيحة وكثيرة وردت عن الأئمة (ع) تؤكد مضمون الرواية السابقة.
والسر في ذلك كما قال بعض علمائنا وهو العلامة المجلسي أن المقصود هو تباين الأشخاص والأعمال وقلة الخوف والمسافة وكثرتهما، فإن كل عمل من أعمال الخير يختلف ثوابها باختلاف مراتب الإخلاص والمعرفة والتقوى وسائر الشرائط التي توجب كمال العمل. (البحار ج98 ص44)
* زيارة الحسين (ع) أم الحج إليه؟
سؤال: هل صحيح ما تنشره بعض الجماعات بأن حج الشيعة هو للحسين (ع) وليس لمكة ولبيت الله الحرام؟ وهل تغني هذه الزيارة عن الحج الأكبر؟
الجواب:
هذه من جملة الافتراءات على الشيعة، حتى هذه الساعة تعمد بعض القنوات الإخبارية المغرضة على التعبير عن زوار قبور أئمة أهل البيت (ع) بالحجاج.
الحج في اللغة بمعنى القصد، ولايوجد مانع لغوي من أن نقول أنني حججت إلى القاهرة كما تقول إنني حججت إلى مكة، ولكن حيث أن الشريعة الإسلامية استعملته في خصوص الحج إلى بيت الله الحرام لأداء المناسك فقد اختصت الكلمة بهذه الفريضة، ومن ثم لايستعملها المسلمون في غير الحج لبيت الله الحرام.
ولايوجد في أي رواية من الروايات التي نقلها محدثو الشيعة عن أهل البيت (ع) أنهم عبروا عن الزيارة والزائر بالحج والحاج، كما لم يعبر أي واحد من فقهاء الشيعة عن الحج بالزيارة.
وهذه كتب الشيعة بين أيديكم.
وفقهاء الشيعة يصرحون أن الإنسان إذا صار مستطيعا ولم يحج حجة الإسلام الواجبة فإنه يجب عليه أن يحج إلى بيت الله الحرام، ولايجوز له أن ينصرف عنه إلى أي مكان آخر.
نعم هناك في روايات أهل البيت (ع) ما يدل على أن ثواب الزيارة المستحبة للإمام الحسين (ع) في يوم عرفة مثلا أكثر من الحج المستحب، ولقد انطلق هؤلاء المغالطون لكي يخلطوا بين الحج الواجب والحج المستحب.
فلاتقدم الزيارة المستحبة على الحج الواجب.
نعم ورد في بعض الروايات ما يدل على أفضلية بعض الزيارات المستحبة على الحج المستحب، وتقديم بعض الأعمال المستحبة على الأخرى كثير في أحاديث الرسول (ص)، فالهيثمي ينقل في باب فضل قضاء الحوائج من مجمع الزوائد ج8 ص192 عن ابن عباس، عن النبي (ص) أنه قال:
«من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكافه عشر سنين، ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق كل خندق أبعد ما بين الخافقين».
ثم عقب الهيثمي بالقول:
"رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده جيد".
* أهم أعمال الزيارة
سؤال: ما هي الزيارة؟ وما أعمالها؟ هل هي قبلة للزائر كما هي قبلة الحاج لمكة؟
الجواب:
الزيارة عبارة عن قدوم الزائر إلى قبر المزور، والسلام عليه كما كان يفعل رسول الله (ص) عند زيارته البقيع، وأهم أعمالها قراءة نص الزيارة والصلاة ركعتين تطوعا يهدى ثوابهما للمزور، وهناك آداب مذكورة في كتب الزيارات من قبيل الوقوف أمام القبر بوقار أو تقبيل القبر أو القدوم بطهارة وغير ذلك.
أما مسألة قبلة الزائر فهي الكعبة المشرفة قبلة كل المسلمين ولم يقل أحد من الشيعة لا من علمائهم ولا من عوامهم بأن الشخص يتوجه في صلاته نحو القبر بدلا من القبلة.
أما أثناء الزيارة فالشخص يتوجه نحو القبر سواء كانت القبلة بنفس الإتجاه أم لا، والمسلمون اليوم عندما يزورون النبي (ص) ويسلمون عليه فإنهم يعطون ظهرهم للقبلة أثناء السلام على النبي (ص).
أما إذا لاحظنا المزور من ناحية معنوية فإن رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) والإمام الحسين (ع) وبقية المعصومين (ع) هم قبلة للقلوب المحبة والمتعطشة، ولهذا تهفو القلوب إلى زيارة قبورهم.
* مضامين الزيارة
سؤال: ماذا نقول بالزيارة .... وما محتواها؟
الجواب:
أستطيع القول أن أئمة أهل البيت استطاعوا أن يبقوا على كثير من العقائد الحقة من خلال الزيارة، لأن الزيارة يلتزم بقراءتها الجميع، العالم وغير العالم، والزيارات تشكل مدرسة متكاملة من حيث المفاهيم، وتحتوي على أفكار أساسية:
منها: أن الإمام الحسين هو امتداد الأنبياء والنبي (ص) وأهل البيت فهو وارث آدم ونوح وموسى وعيسى وإبراهيم ومحمد (ص) وعلي والحسن والزهراء (ع).
منها: أن البراءة واللعن من أعدائه وقاتليه وتحديدهم بالأسماء وخاصة بني أمية وأتباعهم وكل من رضي بقتل الحسين (ع).
وليس هذا بغريب، فقد روى الحاكم في المستدرك ج4 ص481 عن أبي برزة الأسلمي قال:
«كان أبغض الأحياء إلى رسول الله بنو أمية».
وقال الحاكم: أنه حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم واعترف الذهبي بذلك أيضا.
ومنها: الشهادة للإمام الحسين (ع) أنه أقام الصلاة وآتى الزكاة وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وجاهد في الله حق جهاده حتى بذل دمه واستبيح حريمه.
ومنها: سؤال الله عز وجل أن يرزق الزائر طلب ثأر الإمام الحسين مع الإمام المهدي (ع).
ومنها: بيان فداحة المصيبة بحيث أنها مصيبة عظيمة في السماوات والأرض.
ومنها: إعلان الموالاة للإمام الحسين وأهل بيته، وأننا سلم لهم وحرب على أعدائهم.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن سالمهم وحارب عدوهم.
مواضيع مماثلة
» الحلقة الرابعة:النذور
» الحلقة الثانية: البكاء والتباكي
» الحلقة الثالثة: شعيرة اللطم
» الحلقة الأولى : لماذا نقيم العزاء على الإمام الحسين (ع)؟
» الحلقة الثانية: البكاء والتباكي
» الحلقة الثالثة: شعيرة اللطم
» الحلقة الأولى : لماذا نقيم العزاء على الإمام الحسين (ع)؟
alzahra2 :: الفئة الأولى :: قسم الشبهات والردود :: مقالات العلماء :: مقالات سماحة السيد هاشم الهاشمي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى