alzahra2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحلقة الثانية: البكاء والتباكي

اذهب الى الأسفل

الحلقة الثانية: البكاء والتباكي Empty الحلقة الثانية: البكاء والتباكي

مُساهمة  جند المرجعية الثلاثاء يونيو 01, 2010 8:13 pm

أهم ما دار في خمس حلقات من برنامج "ليالي عاشوراء" الذي بث على قناة "الأنوار" الفضائية في شهر محرم الحرام من عام 1426هـ حول الشعائر الحسينية، مع لفت الأنظار إلى وجود بعض الزيادة أو النقيصة غير المخلة بين ما هو مدون هنا وما هو مبثوث على القناة كما هي العادة الجارية في اللقاءات التلفزيونية التي تتحكم فيها أمور متغيرة توجب عدم الاقتصار على نص الأسئلة والأجوبة، وخاصة مع ملاحظة ضيق وقت البرنامج الموجب لعدم التطرق لبعض المقاطع في بعض الأجوبة، وأحيانا حذف بعض الأسئلة والأجوبة المعدة لها بالكامل، والتي بلغت في بعض الحلقات النصف تقريبا، مما دعا إلى إدراجها مع أجوبتها تعميما للفائدة.

الحلقة الثانية: البكاء والتباكي

* فضل البكاء على الإمام الحسين (ع)

سؤال: إن من أصعب الأوقات على الرجل هي اللحظات التي تتساقط الدموع من عينيه، فالبكاء وإن كان من سمات الأنثى فبالمقابل لا يستسيغه الرجل، ولكن هل البكاء والتباكي على الحسين (ع) يعتبر اختلال في شخصية الرجل أم هو انعدام في موازين التحمل؟ فما هي الحقيقة؟ وما هو فضل البكاء والتباكي؟

الجواب:
البكاء بشكل عام حتى في غير الإمام الحسين (ع) يمثل حالة إنسانية مرتبطة بالإنسان بما هو إنسان لا بما هو رجل، فالإنسان خلقه الله عز وجل ضمن تركيبة مزج فيها العقل والعاطفة، وكما الإنسان بحاجة إلى العقل فهو بحاجة إلى العاطفة لأنه من خلالها يندفع نحو التحرك لما يدعو إليه العقل، فالعقل مثلا يقدر أنه يجب أن ندافع عن هذا المعتقد ولكن هذا التقدير غير كاف، ولولا وجود العاطفة لما تحرك الإنسان لتنفيذ ما توصل إليه العقل.
والعاطفة كما تحتوي على الأحزان كذلك على الأفراح، ولكل واحد منهما مظاهره وتعابيره، فإذا ما فرح المرء عبر عن فرحه بالضحك والتبسم، وإذا ما حزن بكى وفارق الضحك، والإنسان الذي لايبكي سواء كان رجلا أم امرأة يعتبر غير سوي وقسي القلب، وذلك لأن البكاء يمثل بروزا وتعبيرا للعاطفة الموجودة في الإنسان والتي تقوم الحياة على أساسها، فالحياة إذا عدمت فيها العواطف تحولت إلى غابة يأكل فيها الإنسان أخاه.
نعم يتميز الرجل بغلبة جانب العقل على جانب العاطفة لا بانعدام العاطفة حتى يكون البكاء في حقه معيبا، فالأب الذي لايبكي على فراق ابنه لايعد متوازنا في سلوكه، لأنه لايبدي أي تفاعل يظهر من خلاله وجود علاقة له بابنه، ومن الواضح أن الناس لايكتفون بدعوى وجود العاطفة والعلاقة والمحبة إذا لم تبرز في السلوك والمظهر، فالأب الذي لا يشفق على ابنه ولايقبله ولا يأخذه إلى المستشفى إذا ما مرض لايكون مقبولا دعواه حب ابنه.
والإنسان الذي يدعي محبة الله عز وجل ولم تظهر هذه المحبة في سلوكه بما في ذلك البكاء فإنه يعتبر غير سوي في البعد العاطفي، وقد جاء في الرواية التي رواها الكليني بسند صحيح عند جم من علمائنا عن السكوني عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: «قال رسول الله (ص):
من علامات الشقاء جمود العين وقسوة القلب وشدة الحرص في طلب الدنيا والإصرار على الذنب». (الكافي ج2 ص290)
ومن هنا نستطيع القول أن الاختلال في شخصية الرجل يكون بإلغاء جانب العاطفة فيه وعدم البكاء في المواضع التي ينبغي للعاطفة أن تبرز فيها، كما أن الاختلال يكون فيه أيضا إذا ما تسببت العاطفة في إلغاء أو تضعيف جانب العقل الذي يتميز به عن المرأة التي تتميز بغلبة جانب العاطفة فيها.
ومصيبة الإمام الحسين (ع) من المصائب العظيمة التي تهز الوجدان الإنساني السوي باعتباره إنسانا بغض النظر عن كون صاحبه مسلما أم غير مسلم، ذكرا أو أنثى، وقد بلغت حدا أن تأثر بها النظام الكوني، وأن بكى لأجلها الأنبياء بما فيهم نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام قبل وقوعها، وجدير بكل إنسان أن يبكي لأجلها.
وقد ورد في فضل البكاء والتباكي على الإمام الحسين (ع) روايات كثيرة في مصادر أهل السنة والشيعة، ونقتصر على رواية واحدة من كل واحد من الفريقين اختصارا:
أ – روى أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني بإسنادهم عن نجي الحضرمي أنه سار مع علي رضي الله عنه، وكان صاحب مطهرته (أي الإناء الذي كان يتوضأ به)، فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى علي: «اصبر أبا عبدالله، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات، قلت: وما ذاك؟ قال: دخلت: على النبي (ص) ذات يوم وإذا عيناه تذرفان، قلت: يا نبي الله أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل عليه السلام قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات، قال: فقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت: نعم، قال: فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا.»قال علي بن أبي بكر الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد ج9 ص187 تعليقا على سند الحديث:
"رجاله ثقات، ولم ينفرد نجي بهذا".
ب – روى الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال ص 110 بسند صحيح، وكذلك رواه ابن قولويه في كامل الزيارة ص201 باب 32 ح1 بسند صحيح عند بعض علمائنا، والقمي في تفسيره ج2 ص291 بسند صحيح، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (ع) قال:
كان علي بن الحسين (ع) يقول:
«أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام حتى تسيل على خده بوأه الله تعالى بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا، وأيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فيما مسنا من الأذى من عدونا في الدنيا بوأه الله في الجنة مبوأ صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى تسيل على خده من مضاضة (أي ألم المصيبة) ما أوذي فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار.» (البحار ج44 ص281 ح13)

* المبالغة في ثواب البكاء

سؤال: قال الصادق (ع):« يا فضيل ... من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب .... غفر الله ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر، »كيف تفسرون هذا الحديث؟
الجواب:
هذه الرواية رويت بألفاظ أخرى مشابهة ولكنها بهذا النص أي «أكثر من زبد البحر» فقد رواها الحميري بسند صحيح في قرب الإسناد عن أحمد بن إسحاق بن سعد، عن بكر بن محمد الأزدي، عن أبي عبد الله الصادق (ع). (قرب الإسناد ص36 ح117)
أما بلفظ «مثل زبد البحر» فقد جاء في رواية صحيحة أخرى. (المحاسن للبرقي ج1 ص63 ح110، تفسير القمي ج2 ص292)
ولفهم الحديث لابد من الاستعانة ببعض المقدمات:
المقدمة الأولى: أن ليس من حقنا أن نقرر لله عز وجل ما يريد أن يجعله من ثواب وعقاب على الأعمال، فهو الخالق والمدبر والرب وهو الذي يضع لكل عمل ما يقابله من الجزاء، فليس من حقنا أن نعترض: لماذا جعلت ثواب قول لا إله إلا الله هو هذا الحد من الجزاء وثواب من قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذا الحد، مع أن كليهما ذكر لله عز وجل، وكذلك في بقية الأعمال الصالحة، وقد قال تعالى:﴿ لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون ﴾ (الأنبياء / 23)
فالإنسان ليس أمامه أمام الأمر الإلهي سوى الخضوع والامتثال وذلك مقتضى العبودية له سبحانه.
المقدمة الثانية: إن عدم حقنا في الاعتراض على ما يجعله الله عز وجل من إزاء ومقابل لكل عمل لا يعني أن ما يصدر من الله عز وجل لا يبتني على حكمة، بل أننا نربط النقطة والمقدمة السابقة بهذه المقدمة ونقول إن السر في عدم حقنا في الاعتراض هو أن الله عز وجل حكيم في أفعاله لا يفعل شيئا من دون وجود حكمة أو مصلحة فيه، ومن هنا لا يحق الاعتراض أو السؤال من الحكيم بل ينبغي أن يعترض أو يسأل غير الحكيم ممن قد يصيب الحق أو قد لا يصيبه وممن قد يقارن فعله المصلحة أو المفسدة.
نعم قد نجهل الكثير من وجوه المصالح الموجودة في الأفعال التي حثنا عليها الله عز وجل، كما قد نجهل الكثير من وجوه المفاسد في الأفعال التي نهانا الله عز وجل عنها بسبب أن مجهولات الإنسان أكثر من معلوماته وأنه لايدرك إلا القليل القليل من أسرار هذا الكون.
وبناء على المقدمتين السابقتين فإنه ليس من حقنا أن نعترض على مثل هذا الثواب العظيم على ذلك الفعل القليل بحسب الظاهر، ولكننا لعلمنا بأن الله حكيم فنحاول أن نستكشف شيئا من الفلسفة المحتملة لهذه المقابلة ما بين العمل والجزاء فنقول:
إن الإنسان الذي يأتي بالأعمال الصالحة الأخرى غير البكاء على الإمام الحسين (ع) بما فيها الشاقة من قبيل الحج أو الجهاد أو غير ذلك، هل هناك تساو بين عمله وبين الجزاء الأخروي؟
بطبيعة الحال لا، لأنه لاتوجد مقارنة بين العمل والجزاء، مثلا أنا أعمل لمدة 50 سنة في الحياة الدنيا، فعندما يكون مستوى النعيم من الجنات التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وبمدة لا نهاية لها لاتكون هناك مقابلة بين الفعل والجزاء بل هو تفضل الله سبحانه على عبده، مثلا لو قلنا لشخص مقابل ساعة من العمل لك دينار واحد ويكون هذا ما يستحقه يكون هناك تساوي في المقابلة، أما إذا صارت عشرة دنانير فالنسبة ستكون بنسبة 10 % ، فإذا صارت 100 دينار فستكون النسبة 1%، وهكذا كلما تزايد الأجر تزايدت النسبة، فهل يمكن وضع نسبة بين العمل والجزاء مع تصورنا لمسألة الخلود في النعيم.
فإذا كان الأمر كذلك في عموم الأعمال فما وجه استثناء البكاء والدمعة على الإمام الحسين (ع) وهي دمعة غالية عند الله عز وجل؟
علما بأنه قد ورد في روايات لدى السنة والشيعة تفيد أن هناك بعض الأعمال الأخرى التي يغفر الله عز وجل بسببها الذنوب ولو كانت مثل زبد البحر مثل: بعض الأذكار، زيارة قبر الحسين (ع)، قراءة بعض السور، أداء بعض الصلوات. (الكافي ج2 ص521 ح1، كامل الزيارة ص275 الباب 57 ح6، الوسائل ج7 ص393 ح9669، صحيح البخاري ج7 ص168، صحيح مسلم ج2 ص98)
وإذا ما تأملنا في الروايات الواردة لمعرفة لماذا يجعل الله شيئا غير محدود من النعيم من ناحية الزمان كجزاء في مقابل الفعل المحدود يتبين أن السر في ذلك ليس في العمل بل في الإيمان الذي صدر منه العمل، فالقيمة العظمى هي في ذلك الإيمان الذي في بطن العمل، ومن هنا لا يستحق الكافر أجرا على أعماله وإن كانت حسنة بحسب الظاهر، وكذلك الأمر في استحقاق الخلود في النار فليس هو لمجرد عمل الكافر بل لأجل الكفر الذي هو مصدر ذلك الفعل.
ومن هنا فإن هذه القطرة التي هي مثل جناح الذباب صدرت عن قلب ملأه حب الإمام الحسين (ع) وحب أهل البيت (ع)، وأقرب الأعمال وألصق الأعمال بالحب القلبي بحيث تصدر منه مباشرة هو البكاء، وهذا الحب ليس له ما يعادله وبه يستحق الإنسان الأجر اللامحدود، ولهذا نجد في روايات أهل البيت (ع) أن من مات على حب آل محمد (ص) مات شهيدا ومغفورا له ومؤمنا مستكمل الإيمان وبشره ملك الموت بالجنة ... الخ.

* عدم البكاء وعدم الحب

سؤال: إن لم أبك على الإمام الحسين (ع) هل ينافي حبي له؟
الجواب:
عدم البكاء إن كان منشأه عدم وجود الحب من الأساس فبطبيعة الحال لا يكون مؤمنا من لا يحب الإمام الحسين (ع)، لأن الإيمان قائم على محبة النبي (ص) وأهل البيت (ع) وقد روى ابن ماجة بسند حسن عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال:
«من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني.»
وكذلك روى ابن ماجة بسند حسن عن يعلى بن مرة أن رسول الله (ص) قال:
«حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط». (صحيح سنن ابن ماجة للألباني ج1 ص64)
أما إذا كان لعوارض أخرى آنية فهذا لا ينفي أصل الحب وإن كان يؤثر في كمال الحب، فهناك عوامل كثيرة في عدم التفاعل أحيانا سواء لكثرة الذنوب أو أكل الحرام أو البطنة أو غير ذلك من أسباب تمنع من التأثر والبكاء أحيانا.
أما الحب الصادق فتظهر آثاره، ويتمثل في البكاء والتأثر بما جرى على المحبوب.

* الملائكة وتأثرها بالبكاء على الإمام الحسين (ع)

سؤال: هل صحيح أن هناك ثوابا كبيرا للباكي والمتباكي وأن ملائكة السماء تنتظر متمنية أن يبكي أحدهم ... هل لديك من الروايات ما يدعم ذلك؟
الجواب:
نعم هناك روايات كثيرة وردت عن أهل البيت (ع) في فضل البكاء والتباكي على الإمام الحسين (ع)، لايسع المجال لاستعراضها وسأكتفي بهاتين الروايتين:
1 - روى الشيخ الصدوق بسند صحيح عند جمع غفير من علمائنا عن الريان بن شبيب عن الإمام الرضا (ع) أنه قال:
«يا بن شبيب إن بكيت على الحسين حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا، قليلا كان أو كثيرا». (عيون أخبار الرضا (ع) ص 268 ح58)
2 - وروى الشيخ الصدوق عن أبي عمارة المنشد، عن أبي عبد الله الصادق (ع) أنه قال:
«من أنشد في الحسين شعرا فأبكى واحدا فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعرا فبكى فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعرا فتباكى فله الجنة». (الأمالي المجلس 29 ص205 ح6، عنه البحار ج44 ص282)
أما ما يخص انتظار الملائكة وتمنيها لبكاء الباكين فلا يحضرني في الروايات ما يدل على ذلك.
نعم ما وجدته في بعض الروايات كما في رواية مسمع المروية في عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: «وما رقأت »(أي جفت وسكنت)« دموع الملائكة منذ قتلنا». (كامل الزيارة ص204، عنه البحار ج44 ص290)
وكذا جاء في زيارة الإمام الحسين (ع) المروية عن الإمام الصادق (ع) في وصف الملائكة الباكين على سيد الشهداء (ع) قال: «قد انهملت منهم العيون فلا ترقأ، واشتد منهم الحزن بحرقة فلا تطفأ». (كامل الزيارة ص419، عنه البحار ج98 ص187)
ووجدت في البعض الآخر كما في رواية زيد الشحام المروية في رجال الكشي ؟؟؟ أن الإمام الصادق (ع) قال لجعفر بن عفان وقد أنشد شعرا في الإمام الحسين (ع) بطلب من الإمام الصادق (ع) وبكى لأجله الإمام (ع) متأثرا حتى صارت الدموع على وجهه وخديه، قال له:
«يا جعفر، والله لقد شهدت ملائكة الله المقربون ههنا يسمعون قولك في الحسين (ع) ولقد بكوا كما بكينا وأكثرـ ولقد أوجب الله لك يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها، وغفر الله لك». (اختيار معرفة الرجال ج2 ص575 ، عنه البحار ج44 ص283)
فهذه الروايات تثبت تأثر الملائكة واهتمامها بمآتم الإمام الحسين (ع).

* السنة الهجرية بين الأفراح والأحزان

سؤال: لماذا تكون بداية سنتنا الهجرية عزاء ولطما بينما الأمة المسيحية والأمة الفارسية والصينية تبتدئ عامها بالأفراح؟
الجواب:
قبل الإجابة لابد من تصحيح معلومة وردت في السؤال وهي أن السنة الهجرية وإن كان الاحتفال بها يكون في أول شهر محرم كما هو الدارج، ولكن الصحيح أنها كانت في شهر ربيع الأول باعتبار أن السنة الهجرية مبدأ حسابها هو هجرة النبي (ص)، والهجرة كانت في شهر ربيع الأول كما هو المعروف بين المسلمين، أما لماذا انتقلت إلى شهر محرم فهذا بحث مستقل ليس هذا مجاله، ولمن يحب التزود يمكنه مراجعة الجزء الرابع من كتاب الصحيح من سيرة النبي (ص) للعلامة السيد جعفر مرتضى العاملي.
أما لماذا تميز شهر محرم الذي صار مبدءا للسنة الهجرية بإقامة المآتم والأحزان فيبين أحد وجوهه الإمام علي بن موسى الرضا (ع) في الرواية المعتبرة عند جمع كثير من العلماء حيث يقول عليه السلام:
«إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا». (عوالم الإمام الحسين ص538)
فهذا الشهر هو شهر المصيبة الكبرى التي حلت بالإسلام وأهله، وجدير بالمسلم والمؤمن أن يتفاعل مع هذه المصيبة.
وهناك نقطة مهمة أيضا وهي أن الأمم التي يهمها أن تحافظ على ما يميزها من مخزون عقائدي وفكري وتاريخي تحتفل بطريقتها الخاصة لتحقيق ذلك، وليس من المهم أن يكون ما يحفظ ذلك المخزون بصورة مفرحة أو حزينة، المهم أن يحقق الغرض والغاية وهو حفظ وجود الأمة ومخزونها، ومن الواضح أن إقامة المآتم والمجالس على الإمام الحسين (ع) كما هو أصل نهضة الإمام الحسين (ع) هي التي حفظت الإسلام حيا وبعيدا عن الانحراف الذي أراده الظالمون من أمثال يزيد لديننا الحنيف.

* البكاء والأثر الصحي والنفسي

سؤال: يفتخر البعض بصلابته ورباطة جأشه وأنه لا يبكي ... فالرجل لا يبكي ... ما الأثر الصحي والنفسي على استدراء العبرة؟
الجواب:
لعل الأنسب أن يوجه هذا السؤال للأطباء وعلماء النفس ليكون كلامهم أدق وأمتن، ولكن كما ذكرت في بداية اللقاء أن العاطفة هي جزء من النفس الإنسانية بغض النظر عن كون هذه النفس لرجل أم أنثى، ومن تسلب منه العاطفة - والبكاء هو أحد آثارها- فإنه يعيش القساوة والغلظة لا الصلابة، فإذا كان النبي (ص) يبكي متأثرا بما سيجري على الإمام الحسين (ع) والأئمة (ع) يبكون والملائكة تبكي، والجن يبكي، بل الكون يتأثر بما جرى فهل يصح أن نسمي هذا الإحساس الميت صلابة؟!
وفي حدود ما قرأته في التأثير النفسي للبكاء أن إخصائية العلوم النفسية في جامعة ماركوبيت بولاية ميتشجان الأمريكية واسمها مارجريت كريبو تنصح بعدم التردد في البكاء وذرف الدموع لأن الدموع تقوم بتنظيف وتطهير العيون من البكتيريا العالقة بها، ويساعد أيضا البكاء في التنفيس عن الشخص وإراحته وتقليل التوتر الذي يشعر به لذلك من الأفضل عدم كبته، وقد يكون البكاء مضرا في بعض الحالات الصحية الأخرى وهذه مسألة ينبغي الرجوع فيها إلى الأطباء الاختصاصيين.
نعم ما نعتقده أن قيمة البكاء على الإمام الحسين (ع) لاينبغي أن تحدد أو تؤطر بالجانب الصحي أو النفسي فالمقام المعنوي الكبير الذي ادخره الله للباكين على الإمام الحسين (ع) أرفع من ذلك بكثير بما لا يقبل المقارنة.

* سر البكاء في مصائبنا على الإمام الحسين (ع)

سؤال: هناك عادة إسلامية وهي إقامة العزاء ثلاثا على أي متوفى من المسلمين، ويكون ثالث يوم تسلية عائلة المتوفى بذكر مصاب الحسين (ع)؟ لماذا يحول البكاء من بكاء على الفقيد إلى بكاء على الشهداء في كربلاء؟
الجواب:
لسببين:
الأول: إذا ما فقد المرء شيئا يتعلق به من مال أو أولاد فإنه إذا قايسه بما جرى على من وقع فيما هو أشد مما وقع هو فيه تهون مصيبته عليه، فإذا قيل لتاجر خسر ألف دينار أن غيرك خسر عشرة آلاف دينار فإن هذا سيخفف عليه وطء خسارته، وكذلك الأمر فيمن فقد عزيزا فإذ تذكر مصيبة أدهى من فقد ميته هانت عليه مصيبته، ولا مصيبة أشد مما جرى على الإمام الحسين (ع) والشهداء بين يديه.
الثاني: إن إقامة المأتم على الإمام الحسين تجعلنا نتذكر دوما أن همنا الأول والأخير الذي يجب أن لا ننساه في كل حادثة، هو ما جرى في كربلاء، لكي يتهيأ الإنسان لأن يعيش حب طلب الثأر والأخذ به مع الإمام الحجة بن الحسن عجل الله فرجه الشريف، فدم الحسين (ع) هو «دم يطلب الله عز وجل به» كما جاء ذلك في الرواية المعتبرة التي رواها الشيخ الطوسي في كتابه الأمالي المجلس السادس الحديث 20 ص162.
جند المرجعية
جند المرجعية
Admin

عدد المساهمات : 294
تاريخ التسجيل : 30/05/2010

https://alzahra2.hooxs.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى