الحلقة الرابعة:النذور
alzahra2 :: الفئة الأولى :: قسم الشبهات والردود :: مقالات العلماء :: مقالات سماحة السيد هاشم الهاشمي
صفحة 1 من اصل 1
الحلقة الرابعة:النذور
أهم ما دار في خمس حلقات من برنامج "ليالي عاشوراء" الذي بث على قناة "الأنوار" الفضائية في شهر محرم الحرام من عام 1426هـ حول الشعائر الحسينية، مع لفت الأنظار إلى وجود بعض الزيادة أو النقيصة غير المخلة بين ما هو مدون هنا وما هو مبثوث على القناة كما هي العادة الجارية في اللقاءات التلفزيونية التي تتحكم فيها أمور متغيرة توجب عدم الاقتصار على نص الأسئلة والأجوبة، وخاصة مع ملاحظة ضيق وقت البرنامج الموجب لعدم التطرق لبعض المقاطع في بعض الأجوبة، وأحيانا حذف بعض الأسئلة والأجوبة المعدة لها بالكامل، والتي بلغت في بعض الحلقات النصف تقريبا، مما دعا إلى إدراجها مع أجوبتها تعميما للفائدة.
الحلقة الرابعة:النذور
اعتاد المحبون لآل البيت عليهم السلام، على تقديم النذور لإجابة الدعاء، وهناك الكثير من الممارسات التقليدية التي يلتزم بها الناس بهذا الشأن ... في هذه الحلقة من برنامجنا سنتوقف عند مسألة النذور وخاصة النذور التي تقدم باسم سيد الشهداء الإمام الحسين (ع).
* فكرة توضيحية عن النذور
سؤال: ما هي النذور في الإسلام؟ ما هي مشروعية النذور للحسين عليه السلام وأبي الفضل العباس؟ هل يمكن أن تعطينا فكرة في هذا الشأن
الجواب:
النذر عبارة عن التزام عمل معين لله تعالى من خلال صيغة لفظية معينة، وهي: "لله علي أن أفعل كذا أو أترك كذا"، مثلا يقول: "لله علي أن أصوم يوم عرفة"، أو "لله علي أن أترك تدخين السيجارة".
ولا يصير الشخص ملزما بذلك العمل المنذور بمجرد أن ينوي فإذا نوى في قلبه مثلا أنه إن شفي ابنه من المرض أن يتصدق بعشرة دنانير للفقراء لايكون ملزما بذلك، وكذلك إذا تلفظ بغير اللفظ المقرر في الشريعة الإسلامية كأن يقول نذر علي أن أصلي نافلة الظهر، فهذا لايلزمه بشيء.
ويفهم من القرآن الكريم أن النذر كان موجودا في الشرائع السابقة على الإسلام كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿ إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾ ( آل عمران / 35) أي أجعله متفرغا للخدمة في الكنيسة والعبادة فيها، أما في الشريعة الإسلامية فقد ورد النذر في الكثير من الأحاديث، وورد في القرآن أيضا في سورة الإنسان في القصة المعروفة التي نذر فيها أمير المؤمنين (ع) أن يصوم ثلاثة أيام إن شفى الله ولديه الحسنين (ع)، فصام هو وزوجته فاطمة الزهراء عليهما السلام وفاء للنذر ثلاثة أيام ومر بهم على الإفطار في كل ليلة مسكين ويتيم وأسير، فأنزل الله عز وجل فيهم: ﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا* إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا ﴾ (الإنسان / 5 – 9)، ولقد أورد السيوطي عن ابن عباس نزولها فيهم. (الدر المنثور ج6 ص485 ط دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الأولى 1990م)
وللنذر تقسيمات وأحكام كثيرة، وسأذكر بعض أحكامها المرتبطة بمشروعية النذر للإمام الحسين (ع).
ابن قدامة في كتابه المغني - وهو على فقه الحنابلة - يقسم النذر إلى سبعة أقسام ويقول إن من جملة أقسامه أن ينذر طاعة لا أصل لها في الوجوب كعيادة المريض، فعيادة المريض أمر مستحب وليس واجبا، ولكنه ألزمه على نفسه، يقول ابن قدامة إن هذا النذر يلزم الوفاء به، وكذلك يصرح بأن من أقسامه النذر المباح كلبس ثوب أو ركوب دابة فيقول أن الناذر يتخير بين فعله فيبر بنذره وبين تركه مع لزوم الكفارة. (المغني ج11 ص333، 336)
أما فقهاء الإمامية فيقولون أنه يشترط في متعلق نذره أن يكون طاعة لله تعالى سواء كان واجبا كالصلاة أو مندوبا كزيارة المريض، أو نذر ترك حرام أو مكروه فإن تركهما من الطاعات، وفي انعقاد النذر بالمباح اختلفوا فبعضهم منعه، وبعضهم قال إن كان قصد بالمباح معنى راجحا كأن يتقوى على العبادة بالأكل انعقد وإلا لم ينعقد. (الجواهر ج35 ص377)
وبناء على ما سبق نقول بأن النذر لأجل الشعائر الحسينية منعقد لأن ما تعلق به النذر من الطاعات، فما الذي يجري في الحسينية وفي أيام محرم؟ إنه صعود الخطيب وقراءة المجلس الحسيني المتضمن تفسير الآيات والأحاديث وذكر فضائل النبي وأهل البيت وكلها من الطاعات، وويتضمن البكاء على الإمام الحسين (ع) وإحياء أمره وهو من الطاعات، وكيف لايكون من الطاعات وقد بكى النبي (ص) على الحسين (ع) وناحت الجن عليه كما أسلفنا سابقا وذكرنا الروايات الصحيحة الدالة على ذلك.
والذي ينذر الطعام للحسينية فإنه يوزع على المؤمنين الذين يجتمعون في الحسينية لإحياء الدين والتذكير بمصائب الحسين (ع) وأهدافه، ومن المعلوم أن إطعام الطعام من الطاعات.
يقول ابن حجر العسقلاني في سبل السلام ج4 ص148:
"وفي الصحيحين أن أفضل الأعمال إطعام الطعام وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف".
جاء في صحيح سنن الترمذي للألباني ج2 ص319 أن رسول الله (ص) قال:
«اعبدوا الرحمن وأطعموا الطعام وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام».
يعلق المباركفوري على عبارة "إطعام الطعام" بالقول:
" أراد به قدرا زائدا على الواجب في الزكاة، سواء في الصدقة والهدية والضيافة". (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ج5 ص477)
ومن يذهب إلى الحج يجد في عرفة وفي بقية المشاعر وفي مكة السيارات والبيوت والأماكن التي توزع الأطعمة على الحجاج مع أن فيهم من هو ليس بفقير، وليس ذلك إلا من جهة كون الإطعام من الطاعات.
ونحن في الكويت نجد أن كثيرا من أهل السنة يقدمون النذورات والأطعمة للحسينيات ويحرصون أيضا على الأكل من طعام الحسينيات اعتقادا منهم ببركته.
ولو أردنا التنزل فلا أقل من كون متعلق النذر للإمام الحسين (ع) أمرا مباحا، وقد ذكرنا سابقا أن ابن قدامة يصرح بانعقاد النذر في المباح وأنه إذا فعل ما نذره أبر بنذره.
* النذور للإمام الحسين (ع) والشرك
سؤال: النذر لله عز وجل ..... ألا يعتبر النذر للإمام الحسين (ع) شركا ومتنافيا مع التوحيد؟
الجواب:
مشكلتنا مع الذين لايفقهون في أمر الدين وقد نصبوا أنفسهم على المسلمين يكفرون هذا وذاك، ومشكلتنا مع هؤلاء لا تنتهي ففي كل فعل يقولون إنه شرك، يقولون التوسل شرك وطلب الشفاعة شرك، وسأضرب مثالا يعد أشد من مسألة النذور من ناحية الصورة والشكل وهي مسألة السجود.
نحن نعلم أن السجود لغير الله عز وجل غير جائز وعمل محرم في الدين الإسلامي، ولكن هل يوجب هذا الفعل الشرك بحيث يخرج صاحبه عن الإسلام فيما إذا فعله من جهة الاحترام أو التعظيم لا من جهة العبودية؟
هؤلاء الجهلة يقولون نعم، ونحن نقول لا، ودليلنا على ذلك أن الله عز وجل قد أجاز ذلك فيما قبل الإسلام، ونحن نعلم أن الله عز وجل لم يرض بالشرك في أي شريعة ودين، وأن جميع الديانات السماوية ورسالات كل الأنبياء قائمة على التوحيد ونبذ الشرك، فإذا كان السجود لغير الله عز وجل شركا فكيف أمر الله عز وجل الملائكة بالسجود لآدم في قوله: ﴿ اسجدوا لآدم ﴾ ، وبناء على فهم المتعصبين يكون إبليس موحدا لله والملائكة مشركون؟! وهو خلاف صريح الآيات القرآنية التي ذمت إبليس على فعله ومدحت الملائكة لامتثالها أمر ربها.
وقد صرح القرآن بأن النبي يعقوب (ع) وأبنائه قد خروا ليوسف (ع) سجدا.
يقول الذهبي في كتابه معجم شيوخ الذهبي ص56:
"ألا ترى الصحابة من فرط حبهم للنبي (ص) قالوا: ألا نسجد لك؟ فقال: لا، فلو أذن لهم لسجدوا له سجود إجلال وتوقير لا سجود عبادة، كما قد سجد إخوة يوسف ليوسف. وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي (ص) على سبيل التعظيم والتبجيل لا يكفر به أصلا بل يكون عاصيا فليعرف أن هذا منهي عنه".
والذي ينذر للإمام الحسين (ع) ماذا يقول في نذره: هل يقول لله علي أن أذبح ذبيحة أو أوزع طعاما للإمام الحسين (ع) أو يقول للإمام الحسين علي أن أفعل كذا؟
علماؤنا يصرحون بأن النذر لا ينعقد بغير الله عز وجل.
ثم إن الناذر ماذا يقصد ويريد عندما يقول لله علي أن أذبح للإمام الحسين (ع) أو أدفع مائة دينار للإمام الحسين، هل يريد أنه يجعل الإمام الحسين (ع) ربا يتقرب إليه بالمال والذبيحة أم أنه يتقرب إلى الله عز وجل من خلال إهداء ثواب ما يصرف فيه المال والذبيحة للإمام الحسين (ع)؟
إنه يقصد المعنى الثاني.
ولقد صرح الفقهاء سنة وشيعة بجواز إهداء الميت ثواب الأعمال، ولقد ألف ابن قيم الجوزية كتابا مستقلا في هذا الخصوص أسماه "الروح"، ولقد روى مسلم في صحيحه في باب ثواب الصدقة عن الميت أن النبي أقر السائل أنه إن تصدق عن أمه المتوفاة سيصلها الأجر.
ولقد علق النووي في شرح صحيح مسلم ج7 ص90 على الحديث بالقول:
"إن الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها، وهو كذلك بإجماع العلماء".
وفي خصوص الذبح عن الميت وإهداء الثواب إليه، يقول الحاكم النيشابوري في المستدرك فيما استدركه على البخاري ومسلم ج4 ص255 :
"وقد رويت أخبار في الأضحية عن الأموات، وكمثال على ذلك يورد رواية أسندها عن حنش قال:
«ضحى علي (ع) بكبشين، كبش عن النبي (ص) وكبش عن نفسه، وقال: أمرني رسول الله أن أضحي عنه فأنا أضحي أبدا».
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد اعترف الذهبي في التلخيص بصحة السند.
وهناك احتمال آخر وارد في قصد القائل لله على أن أذبح ذبيحة للإمام الحسين (ع) أو أدفع مالا للإمام الحسين (ع) وهو أن ما نذره يصرف في الشئون المتعلقة بالإمام الحسين (ع) فمثلا المال يصرف على الاهتمام بقبره وزواره والذبيحة تصرف في مجالس الإمام الحسين (ع) وعلى زواره.
وعلى كل حال فالأمر في مصرف النذر من الناحية الشرعية يتبع قصد الناذر فيما يقوله.
وليس في هذا الاحتمال الآخر أي ارتباط بالشرك كما لم يكن للأول أي ارتباط.
ثم إن الأصل أن يحمل فعل المسلم على الصحة إلا أن يثبت العكس لا أن نحمل فعله على الشرك ونكفره من دون السؤال عن قصده.
الحلقة الرابعة:النذور
اعتاد المحبون لآل البيت عليهم السلام، على تقديم النذور لإجابة الدعاء، وهناك الكثير من الممارسات التقليدية التي يلتزم بها الناس بهذا الشأن ... في هذه الحلقة من برنامجنا سنتوقف عند مسألة النذور وخاصة النذور التي تقدم باسم سيد الشهداء الإمام الحسين (ع).
* فكرة توضيحية عن النذور
سؤال: ما هي النذور في الإسلام؟ ما هي مشروعية النذور للحسين عليه السلام وأبي الفضل العباس؟ هل يمكن أن تعطينا فكرة في هذا الشأن
الجواب:
النذر عبارة عن التزام عمل معين لله تعالى من خلال صيغة لفظية معينة، وهي: "لله علي أن أفعل كذا أو أترك كذا"، مثلا يقول: "لله علي أن أصوم يوم عرفة"، أو "لله علي أن أترك تدخين السيجارة".
ولا يصير الشخص ملزما بذلك العمل المنذور بمجرد أن ينوي فإذا نوى في قلبه مثلا أنه إن شفي ابنه من المرض أن يتصدق بعشرة دنانير للفقراء لايكون ملزما بذلك، وكذلك إذا تلفظ بغير اللفظ المقرر في الشريعة الإسلامية كأن يقول نذر علي أن أصلي نافلة الظهر، فهذا لايلزمه بشيء.
ويفهم من القرآن الكريم أن النذر كان موجودا في الشرائع السابقة على الإسلام كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿ إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا ﴾ ( آل عمران / 35) أي أجعله متفرغا للخدمة في الكنيسة والعبادة فيها، أما في الشريعة الإسلامية فقد ورد النذر في الكثير من الأحاديث، وورد في القرآن أيضا في سورة الإنسان في القصة المعروفة التي نذر فيها أمير المؤمنين (ع) أن يصوم ثلاثة أيام إن شفى الله ولديه الحسنين (ع)، فصام هو وزوجته فاطمة الزهراء عليهما السلام وفاء للنذر ثلاثة أيام ومر بهم على الإفطار في كل ليلة مسكين ويتيم وأسير، فأنزل الله عز وجل فيهم: ﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا* إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا ﴾ (الإنسان / 5 – 9)، ولقد أورد السيوطي عن ابن عباس نزولها فيهم. (الدر المنثور ج6 ص485 ط دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الأولى 1990م)
وللنذر تقسيمات وأحكام كثيرة، وسأذكر بعض أحكامها المرتبطة بمشروعية النذر للإمام الحسين (ع).
ابن قدامة في كتابه المغني - وهو على فقه الحنابلة - يقسم النذر إلى سبعة أقسام ويقول إن من جملة أقسامه أن ينذر طاعة لا أصل لها في الوجوب كعيادة المريض، فعيادة المريض أمر مستحب وليس واجبا، ولكنه ألزمه على نفسه، يقول ابن قدامة إن هذا النذر يلزم الوفاء به، وكذلك يصرح بأن من أقسامه النذر المباح كلبس ثوب أو ركوب دابة فيقول أن الناذر يتخير بين فعله فيبر بنذره وبين تركه مع لزوم الكفارة. (المغني ج11 ص333، 336)
أما فقهاء الإمامية فيقولون أنه يشترط في متعلق نذره أن يكون طاعة لله تعالى سواء كان واجبا كالصلاة أو مندوبا كزيارة المريض، أو نذر ترك حرام أو مكروه فإن تركهما من الطاعات، وفي انعقاد النذر بالمباح اختلفوا فبعضهم منعه، وبعضهم قال إن كان قصد بالمباح معنى راجحا كأن يتقوى على العبادة بالأكل انعقد وإلا لم ينعقد. (الجواهر ج35 ص377)
وبناء على ما سبق نقول بأن النذر لأجل الشعائر الحسينية منعقد لأن ما تعلق به النذر من الطاعات، فما الذي يجري في الحسينية وفي أيام محرم؟ إنه صعود الخطيب وقراءة المجلس الحسيني المتضمن تفسير الآيات والأحاديث وذكر فضائل النبي وأهل البيت وكلها من الطاعات، وويتضمن البكاء على الإمام الحسين (ع) وإحياء أمره وهو من الطاعات، وكيف لايكون من الطاعات وقد بكى النبي (ص) على الحسين (ع) وناحت الجن عليه كما أسلفنا سابقا وذكرنا الروايات الصحيحة الدالة على ذلك.
والذي ينذر الطعام للحسينية فإنه يوزع على المؤمنين الذين يجتمعون في الحسينية لإحياء الدين والتذكير بمصائب الحسين (ع) وأهدافه، ومن المعلوم أن إطعام الطعام من الطاعات.
يقول ابن حجر العسقلاني في سبل السلام ج4 ص148:
"وفي الصحيحين أن أفضل الأعمال إطعام الطعام وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف".
جاء في صحيح سنن الترمذي للألباني ج2 ص319 أن رسول الله (ص) قال:
«اعبدوا الرحمن وأطعموا الطعام وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام».
يعلق المباركفوري على عبارة "إطعام الطعام" بالقول:
" أراد به قدرا زائدا على الواجب في الزكاة، سواء في الصدقة والهدية والضيافة". (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ج5 ص477)
ومن يذهب إلى الحج يجد في عرفة وفي بقية المشاعر وفي مكة السيارات والبيوت والأماكن التي توزع الأطعمة على الحجاج مع أن فيهم من هو ليس بفقير، وليس ذلك إلا من جهة كون الإطعام من الطاعات.
ونحن في الكويت نجد أن كثيرا من أهل السنة يقدمون النذورات والأطعمة للحسينيات ويحرصون أيضا على الأكل من طعام الحسينيات اعتقادا منهم ببركته.
ولو أردنا التنزل فلا أقل من كون متعلق النذر للإمام الحسين (ع) أمرا مباحا، وقد ذكرنا سابقا أن ابن قدامة يصرح بانعقاد النذر في المباح وأنه إذا فعل ما نذره أبر بنذره.
* النذور للإمام الحسين (ع) والشرك
سؤال: النذر لله عز وجل ..... ألا يعتبر النذر للإمام الحسين (ع) شركا ومتنافيا مع التوحيد؟
الجواب:
مشكلتنا مع الذين لايفقهون في أمر الدين وقد نصبوا أنفسهم على المسلمين يكفرون هذا وذاك، ومشكلتنا مع هؤلاء لا تنتهي ففي كل فعل يقولون إنه شرك، يقولون التوسل شرك وطلب الشفاعة شرك، وسأضرب مثالا يعد أشد من مسألة النذور من ناحية الصورة والشكل وهي مسألة السجود.
نحن نعلم أن السجود لغير الله عز وجل غير جائز وعمل محرم في الدين الإسلامي، ولكن هل يوجب هذا الفعل الشرك بحيث يخرج صاحبه عن الإسلام فيما إذا فعله من جهة الاحترام أو التعظيم لا من جهة العبودية؟
هؤلاء الجهلة يقولون نعم، ونحن نقول لا، ودليلنا على ذلك أن الله عز وجل قد أجاز ذلك فيما قبل الإسلام، ونحن نعلم أن الله عز وجل لم يرض بالشرك في أي شريعة ودين، وأن جميع الديانات السماوية ورسالات كل الأنبياء قائمة على التوحيد ونبذ الشرك، فإذا كان السجود لغير الله عز وجل شركا فكيف أمر الله عز وجل الملائكة بالسجود لآدم في قوله: ﴿ اسجدوا لآدم ﴾ ، وبناء على فهم المتعصبين يكون إبليس موحدا لله والملائكة مشركون؟! وهو خلاف صريح الآيات القرآنية التي ذمت إبليس على فعله ومدحت الملائكة لامتثالها أمر ربها.
وقد صرح القرآن بأن النبي يعقوب (ع) وأبنائه قد خروا ليوسف (ع) سجدا.
يقول الذهبي في كتابه معجم شيوخ الذهبي ص56:
"ألا ترى الصحابة من فرط حبهم للنبي (ص) قالوا: ألا نسجد لك؟ فقال: لا، فلو أذن لهم لسجدوا له سجود إجلال وتوقير لا سجود عبادة، كما قد سجد إخوة يوسف ليوسف. وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي (ص) على سبيل التعظيم والتبجيل لا يكفر به أصلا بل يكون عاصيا فليعرف أن هذا منهي عنه".
والذي ينذر للإمام الحسين (ع) ماذا يقول في نذره: هل يقول لله علي أن أذبح ذبيحة أو أوزع طعاما للإمام الحسين (ع) أو يقول للإمام الحسين علي أن أفعل كذا؟
علماؤنا يصرحون بأن النذر لا ينعقد بغير الله عز وجل.
ثم إن الناذر ماذا يقصد ويريد عندما يقول لله علي أن أذبح للإمام الحسين (ع) أو أدفع مائة دينار للإمام الحسين، هل يريد أنه يجعل الإمام الحسين (ع) ربا يتقرب إليه بالمال والذبيحة أم أنه يتقرب إلى الله عز وجل من خلال إهداء ثواب ما يصرف فيه المال والذبيحة للإمام الحسين (ع)؟
إنه يقصد المعنى الثاني.
ولقد صرح الفقهاء سنة وشيعة بجواز إهداء الميت ثواب الأعمال، ولقد ألف ابن قيم الجوزية كتابا مستقلا في هذا الخصوص أسماه "الروح"، ولقد روى مسلم في صحيحه في باب ثواب الصدقة عن الميت أن النبي أقر السائل أنه إن تصدق عن أمه المتوفاة سيصلها الأجر.
ولقد علق النووي في شرح صحيح مسلم ج7 ص90 على الحديث بالقول:
"إن الصدقة عن الميت تنفع الميت ويصله ثوابها، وهو كذلك بإجماع العلماء".
وفي خصوص الذبح عن الميت وإهداء الثواب إليه، يقول الحاكم النيشابوري في المستدرك فيما استدركه على البخاري ومسلم ج4 ص255 :
"وقد رويت أخبار في الأضحية عن الأموات، وكمثال على ذلك يورد رواية أسندها عن حنش قال:
«ضحى علي (ع) بكبشين، كبش عن النبي (ص) وكبش عن نفسه، وقال: أمرني رسول الله أن أضحي عنه فأنا أضحي أبدا».
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد اعترف الذهبي في التلخيص بصحة السند.
وهناك احتمال آخر وارد في قصد القائل لله على أن أذبح ذبيحة للإمام الحسين (ع) أو أدفع مالا للإمام الحسين (ع) وهو أن ما نذره يصرف في الشئون المتعلقة بالإمام الحسين (ع) فمثلا المال يصرف على الاهتمام بقبره وزواره والذبيحة تصرف في مجالس الإمام الحسين (ع) وعلى زواره.
وعلى كل حال فالأمر في مصرف النذر من الناحية الشرعية يتبع قصد الناذر فيما يقوله.
وليس في هذا الاحتمال الآخر أي ارتباط بالشرك كما لم يكن للأول أي ارتباط.
ثم إن الأصل أن يحمل فعل المسلم على الصحة إلا أن يثبت العكس لا أن نحمل فعله على الشرك ونكفره من دون السؤال عن قصده.
مواضيع مماثلة
» الحلقة الخامسة:الزيارة
» الحلقة الثانية: البكاء والتباكي
» الحلقة الثالثة: شعيرة اللطم
» الحلقة الأولى : لماذا نقيم العزاء على الإمام الحسين (ع)؟
» الحلقة الثانية: البكاء والتباكي
» الحلقة الثالثة: شعيرة اللطم
» الحلقة الأولى : لماذا نقيم العزاء على الإمام الحسين (ع)؟
alzahra2 :: الفئة الأولى :: قسم الشبهات والردود :: مقالات العلماء :: مقالات سماحة السيد هاشم الهاشمي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى