أيخافون من فتح الباب وهم مسلحون ؟ !
صفحة 1 من اصل 1
أيخافون من فتح الباب وهم مسلحون ؟ !
مأساة الزهراء عليها السلام ج 1 - العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي - ص 289
أيخافون من فتح الباب وهم مسلحون ؟ !
وثمة محاولة أخرى ، يبذلها البعض لترجيح مقولة : إنه لا مبرر لأن تفتح الزهراء ( ع ) الباب دون غيرها ممن كانوا في داخل البيت ، فهو يقول : " إذا جاؤا ليعتقلوك ، فهو تقول لزوجتك : افتحي الباب ، أم تبادر أنت إلى فتحه ؟ ! ".
والجماعة قد جاؤا ليعتقلوا عليا ، فلماذا تفتح الزهراء ( ع ) الباب ؟ خصوصا وأن الذين في داخل البيت كانوا مسلحين ، فهم لا يخافون من المواجهة مع المهاجمين ، وقد خرج الزبير مصلتا سيفه ، فكسروا سيفه .
ويظهر أن هذا الإشكال مأخوذ من الفضل بن روزبهان ، الذي قال : " إن عيون بني هاشم ، وأشراف بني عبد مناف ، وصناديد قريش ، كانوا مع علي . وهم كانوا في البيت ، وعندهم السيوف اليمانية ، وإذا بلغ أمرهم إلى أن يحرقوا من في البيت ، أتراهم طرحوا الغيرة وتركوا الحمية رأسا ، ولم يخرجوا بالسيوف المسلمة فيقتلوا من قصد إحراقهم بالنار " ؟ ( 1 ) .
والجواب :
أولا : إنني أعتقد أن ما ذكرناه في الإجابة على السؤال السابق يكفي لبيان ضرورة أن تجيب الزهراء على الباب . فإن القضية ليست هي مجرد منع المهاجمين من اعتقال علي ( عليه السلام ) ، بل القضية هي أن مواجهة علي عليه السلام لهم سوف تتسبب بتضييع الحق ، وإعطائهم الفرصة لتحقيق مآربهم في
( 1 ) إبطال نهج الباطل ( مطبوع مع دلائل الصدق ) : ج 3 ص 46 . ( * )
- ص 290 -
تزوير الحقيقة والتاريخ . . وقد كان إظهار هؤلاء القوم على حقيقتهم ، وتعريف الناس بأنهم هم المعتدون والظالمون ، منحصرا في أن تجيبهم الزهراء عليها السلام ، دون سواها حتى ولا فضة ، أو غيرها من بني هاشم .
وليلاحظ : أنه رغم وضوح هذا الأمر ، فإن البعض يعبر بكلمات لا تتناسب مع هذه الحقيقة ، مثل قوله " إعتقال علي " . وستأتي عبارات أخرى له من قبيل : " إخضاع المعارضة " و " مواجهة التمرد " ، وما إلى ذلك . وكأنهم يرون أن قعود علي ( ع ) في بيته ، وإجابة الزهراء لهم إنما كان خوفا من الاعتقال ، لا أنه خطة تهدف إلى إفساد ما كان المهاجمون يريدون تحقيقه في محاولتهم تلك ، وقد نجحا عليهما السلام في ذلك أيما نجاح رغم كل ما تعرضا له .
وثانيا : لقد كان من الواضح : أن مواجهة المهاجمين بالسيف وبالعنف كان هو مطلوب المهاجمين ، وهو يخدم مصالحهم بدرجة كبيرة ، وهو ما كان يتحاشاه علي صلوات الله وسلامه عليه ، وقد نهاه عنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أيضا .
وقد اعترف المستدل بأنه : " قيدته وصيته من أخيه " بعدم استعمال السيف والعنف في أمر الخلافة . . فما معنى توقعه ذلك منه عليه السلام ؟ فهل يريد منه مخالفة أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، والاستسلام للفخ المنصوب له ، ليضيع على الأمة فرصة معرفة الحق ؟ !
وثالثا : إن عدم الإستجابة إلى دعوة العنف لا يعني أن لا يتخذ
- ص 291 -
أولئك المعتدى عليهم الاحتياطات اللازمة للدفاع عن أنفسهم ، لو أريد بهم شر وأذى ، فإن عدم طلب الخلافة بالسيف شئ ، والذب عن النفس حينما يراد سفك دمائهم شئ آخر . . وأما ما فعله الزبير ، فإنما صدر منه حين أخذوا عليا عليه السلام ، فلم يحتمل الزبير ذلك ، فحاول أن يهاجمهم لتخليص علي ( عليه السلام ) ، فرماه خالد بصخرة ، فأصابت قفاه ، وسقط السيف من يده ، فأخذه عمر ، وضربه على صخرة فانكسر ( 1 ) .
وذكر في نص آخر : مجئ عمر في جماعة ، ثم قال : فخرج عليه الزبير مصلتا بالسيف ، فعثر ، فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه ( 2 ) .
ألا يدافع علي ( ع ) عن وديعة الرسول ( ص ) ؟ :
قد يتساءل البعض فيقول : إذا كانت الزهراء ( ع ) وديعة رسول الله ( ص ) عند علي ( ع ) فكيف لم يدافع عنها ؟ ! ألا يجب حفظ الوديعة ؟ !
والجواب :
أولا : إن الجواب السابق يكفي هنا ، فإن دين الله كان أعظم وديعة من قبل الله ورسوله عند علي عليه الصلاة والسلام . ولا بد من حفظ هذه الوديعة ، على أن هذه الوديعة نفسها - أعني الزهراء - لم
( 1 ) الاختصاص : ص 186 / 187 ، والبحار ج 28 ، ص 229 ح 15 .
( 2 ) تاريخ الأمم والملوك : ج 3 ص 202 . ( * )
- ص 292 -
تتوان لحظة في الدفاع بنفسها ، وبكل ما تملك وتستطيع عن الوديعة الأخرى ، أعني دين الله سبحانه وتعالى .
ثانيا : إن عليا ( ع ) لم يفعل ما يتنافى مع حفظ الوديعة ، والزهراء ( ع ) قد قامت بواجبها ، وعملت بتكليفها ، والمهاجمون هم الذين خالفوا حكم الله ، واعتدوا على وديعة رسول الله ( ص ) ، فالخطاب بحفظ الوديعة موجه إليهم بالدرجة الأولى .
أما القول بأن ترك علي ( ع ) لها لتواجه هي التحدي وحدها ، يعتبر تفريطا منه عليه السلام بها . . . فليس صحيحا بل هو من سخف القول ، لأن تكليفها هي أن تواجه وتدافع عن الإمامة ، وقد قامت بذلك .
وتكليفه هو أن لا يعطيهم شرعية ، ولا مبررا لتمرير مخططهم ، وأن يحفظ للناس فرصة تمييز الحق من الباطل ، ثم أن لا يعطيهم فرصة الاعتداء على الزهراء ( ع ) ولا يمكنهم من تلميع صورتهم ، وتخفيف بشاعة ما ارتكبوه واقترفوه ثم تمريرهم ذلك على الناس بدهاء .
وتكليف المهاجمين هو إرجاع الحق إلى نصابه ، وأن لا يعرضوا أنفسهم لغضب الزهراء ( ع ) ، ومن ثم لغضب الله ورسوله .
وقد قام علي والزهراء عليهما سلام الله بما يجب عليهما خير قيام ، ولم يكن بالإمكان فعل ما هو أفضل من ذلك .
ومن يعمل بواجبه الشرعي لا يمكن أن يعتبر مفرطا بالوديعة ، ومخالفا للحكم الشرعي ، بل التفريط إنما جاء من قبل الآخرين .
أيخافون من فتح الباب وهم مسلحون ؟ !
وثمة محاولة أخرى ، يبذلها البعض لترجيح مقولة : إنه لا مبرر لأن تفتح الزهراء ( ع ) الباب دون غيرها ممن كانوا في داخل البيت ، فهو يقول : " إذا جاؤا ليعتقلوك ، فهو تقول لزوجتك : افتحي الباب ، أم تبادر أنت إلى فتحه ؟ ! ".
والجماعة قد جاؤا ليعتقلوا عليا ، فلماذا تفتح الزهراء ( ع ) الباب ؟ خصوصا وأن الذين في داخل البيت كانوا مسلحين ، فهم لا يخافون من المواجهة مع المهاجمين ، وقد خرج الزبير مصلتا سيفه ، فكسروا سيفه .
ويظهر أن هذا الإشكال مأخوذ من الفضل بن روزبهان ، الذي قال : " إن عيون بني هاشم ، وأشراف بني عبد مناف ، وصناديد قريش ، كانوا مع علي . وهم كانوا في البيت ، وعندهم السيوف اليمانية ، وإذا بلغ أمرهم إلى أن يحرقوا من في البيت ، أتراهم طرحوا الغيرة وتركوا الحمية رأسا ، ولم يخرجوا بالسيوف المسلمة فيقتلوا من قصد إحراقهم بالنار " ؟ ( 1 ) .
والجواب :
أولا : إنني أعتقد أن ما ذكرناه في الإجابة على السؤال السابق يكفي لبيان ضرورة أن تجيب الزهراء على الباب . فإن القضية ليست هي مجرد منع المهاجمين من اعتقال علي ( عليه السلام ) ، بل القضية هي أن مواجهة علي عليه السلام لهم سوف تتسبب بتضييع الحق ، وإعطائهم الفرصة لتحقيق مآربهم في
( 1 ) إبطال نهج الباطل ( مطبوع مع دلائل الصدق ) : ج 3 ص 46 . ( * )
- ص 290 -
تزوير الحقيقة والتاريخ . . وقد كان إظهار هؤلاء القوم على حقيقتهم ، وتعريف الناس بأنهم هم المعتدون والظالمون ، منحصرا في أن تجيبهم الزهراء عليها السلام ، دون سواها حتى ولا فضة ، أو غيرها من بني هاشم .
وليلاحظ : أنه رغم وضوح هذا الأمر ، فإن البعض يعبر بكلمات لا تتناسب مع هذه الحقيقة ، مثل قوله " إعتقال علي " . وستأتي عبارات أخرى له من قبيل : " إخضاع المعارضة " و " مواجهة التمرد " ، وما إلى ذلك . وكأنهم يرون أن قعود علي ( ع ) في بيته ، وإجابة الزهراء لهم إنما كان خوفا من الاعتقال ، لا أنه خطة تهدف إلى إفساد ما كان المهاجمون يريدون تحقيقه في محاولتهم تلك ، وقد نجحا عليهما السلام في ذلك أيما نجاح رغم كل ما تعرضا له .
وثانيا : لقد كان من الواضح : أن مواجهة المهاجمين بالسيف وبالعنف كان هو مطلوب المهاجمين ، وهو يخدم مصالحهم بدرجة كبيرة ، وهو ما كان يتحاشاه علي صلوات الله وسلامه عليه ، وقد نهاه عنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أيضا .
وقد اعترف المستدل بأنه : " قيدته وصيته من أخيه " بعدم استعمال السيف والعنف في أمر الخلافة . . فما معنى توقعه ذلك منه عليه السلام ؟ فهل يريد منه مخالفة أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، والاستسلام للفخ المنصوب له ، ليضيع على الأمة فرصة معرفة الحق ؟ !
وثالثا : إن عدم الإستجابة إلى دعوة العنف لا يعني أن لا يتخذ
- ص 291 -
أولئك المعتدى عليهم الاحتياطات اللازمة للدفاع عن أنفسهم ، لو أريد بهم شر وأذى ، فإن عدم طلب الخلافة بالسيف شئ ، والذب عن النفس حينما يراد سفك دمائهم شئ آخر . . وأما ما فعله الزبير ، فإنما صدر منه حين أخذوا عليا عليه السلام ، فلم يحتمل الزبير ذلك ، فحاول أن يهاجمهم لتخليص علي ( عليه السلام ) ، فرماه خالد بصخرة ، فأصابت قفاه ، وسقط السيف من يده ، فأخذه عمر ، وضربه على صخرة فانكسر ( 1 ) .
وذكر في نص آخر : مجئ عمر في جماعة ، ثم قال : فخرج عليه الزبير مصلتا بالسيف ، فعثر ، فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه ( 2 ) .
ألا يدافع علي ( ع ) عن وديعة الرسول ( ص ) ؟ :
قد يتساءل البعض فيقول : إذا كانت الزهراء ( ع ) وديعة رسول الله ( ص ) عند علي ( ع ) فكيف لم يدافع عنها ؟ ! ألا يجب حفظ الوديعة ؟ !
والجواب :
أولا : إن الجواب السابق يكفي هنا ، فإن دين الله كان أعظم وديعة من قبل الله ورسوله عند علي عليه الصلاة والسلام . ولا بد من حفظ هذه الوديعة ، على أن هذه الوديعة نفسها - أعني الزهراء - لم
( 1 ) الاختصاص : ص 186 / 187 ، والبحار ج 28 ، ص 229 ح 15 .
( 2 ) تاريخ الأمم والملوك : ج 3 ص 202 . ( * )
- ص 292 -
تتوان لحظة في الدفاع بنفسها ، وبكل ما تملك وتستطيع عن الوديعة الأخرى ، أعني دين الله سبحانه وتعالى .
ثانيا : إن عليا ( ع ) لم يفعل ما يتنافى مع حفظ الوديعة ، والزهراء ( ع ) قد قامت بواجبها ، وعملت بتكليفها ، والمهاجمون هم الذين خالفوا حكم الله ، واعتدوا على وديعة رسول الله ( ص ) ، فالخطاب بحفظ الوديعة موجه إليهم بالدرجة الأولى .
أما القول بأن ترك علي ( ع ) لها لتواجه هي التحدي وحدها ، يعتبر تفريطا منه عليه السلام بها . . . فليس صحيحا بل هو من سخف القول ، لأن تكليفها هي أن تواجه وتدافع عن الإمامة ، وقد قامت بذلك .
وتكليفه هو أن لا يعطيهم شرعية ، ولا مبررا لتمرير مخططهم ، وأن يحفظ للناس فرصة تمييز الحق من الباطل ، ثم أن لا يعطيهم فرصة الاعتداء على الزهراء ( ع ) ولا يمكنهم من تلميع صورتهم ، وتخفيف بشاعة ما ارتكبوه واقترفوه ثم تمريرهم ذلك على الناس بدهاء .
وتكليف المهاجمين هو إرجاع الحق إلى نصابه ، وأن لا يعرضوا أنفسهم لغضب الزهراء ( ع ) ، ومن ثم لغضب الله ورسوله .
وقد قام علي والزهراء عليهما سلام الله بما يجب عليهما خير قيام ، ولم يكن بالإمكان فعل ما هو أفضل من ذلك .
ومن يعمل بواجبه الشرعي لا يمكن أن يعتبر مفرطا بالوديعة ، ومخالفا للحكم الشرعي ، بل التفريط إنما جاء من قبل الآخرين .
مواضيع مماثلة
» المخدرة لا تفتح الباب
» الباب الأول : الزهراء ومأساتها
» لمحبي داحي الباب (عليه السلام)
» الفصل السابع : لماذا تفتح الزهراء ( ع ) الباب
» الباب الأول : الزهراء ومأساتها
» لمحبي داحي الباب (عليه السلام)
» الفصل السابع : لماذا تفتح الزهراء ( ع ) الباب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى