أخبار عن احترام الصحابة للزهراء عليها السلام
صفحة 1 من اصل 1
أخبار عن احترام الصحابة للزهراء عليها السلام
مأساة الزهراء عليها السلام ج 1 - العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي - ص 230
علي ( ع ) متمرد لا بد من إخضاعه :
يطرح البعض مقولة مفادها : 1 - إن المجتمعين في بيت الزهراء ( ع ) ، وهم علي ( ع ) وبنو هاشم هم معارضة للحكم ، فطبيعة الأمور تقتضي : أنه إذا اجتمعت المعارضة ليتمردوا على الخلافة ، أن يبادر الحكام لمواجهتهم ، وإخضاعهم ، فمجيئهم إنما كان لاعتقال علي ( ع ) كي تنتهي المعارضة .
2 - إن غرض المهاجمين هو اعتقال علي ( ع ) ، وأما فاطمة ( ع ) فلا شغل لهم بها ، لأن هناك رأي عام موجود ، فقول عمر " وإن " ، جوابا لمن قال له : إن فيها فاطمة ، يكون طبيعيا ، ومعناه : ما لنا شغل بفاطمة ، نحن نريد القضاء على المعارضة باعتقال علي ، فإن كانت الزهراء موجودة فنحن لا نقصدها بشئ ، وقصدنا هو اعتقال علي فقط .
والجواب :
أولا : إننا نستغرب جدا وصف علي عليه السلام بأنه " متمرد " ! ! وكذا وصفه ومن معه من بني هاشم وغيرهم بأنهم " معارضة " ! ! ومتى استقر للغاصبين حكم ، واستقام لهم سلطان ، حتى يوصف الآخرون بأنهم معارضة ؟ !
فإن الاعتداء على بيت الزهراء ( ع ) قد كان فور عودة أبي بكر من سقيفة بني ساعدة إلى المسجد ، حيث جلس على منبر النبي ( ص ) للبيعة ، وبدأ الهجوم في هذا الوقت بالذات ، وحتى بعد تمكنهم من الامساك بأزمة الأمور ، فهل يحسن أو يصح وصف صاحب الحق الشرعي ، والذي يباشر المعتدون الاعتداء عليه ، بهدف ابتزاز حقه ومنصبه الذي وضعه الله تعالى فيه ، والتغلب عليه بالقوة
- ص 231 -
والقهر ، والحيلة والدهاء ، وبالوسائل غير المشروعة ، هل يصح وصفه بأنه " معارضة " ؟ ! وبأنه متمرد ؟ ! ولا بد من إخضاعه ؟ هل كل ذلك ليكون الغاصب المعتدي هو " الشرعية " ؟ ! .
وثانيا : لو صح ذلك كله ، فهل يصبح معنى قول عمر : لتخرجن أو لأحرقن البيت بمن فيه ، فقالوا له : إن فيها فاطمة ، فقال : وإن . . هل يصبح معناه : إننا لا شغل لنا بفاطمة ، نحن نريد اعتقال علي ؟ ! وهل يعني ذلك : أنهم سوف ينقذون فاطمة من الاحتراق بالنار ، ويوجهون النار نحو علي دون سواه ؟ ! وبذا تكون فاطمة محترمة ومبجلة عند المهاجمين ، وقد حفظوا فيها والدها رسول الله ( ص ) ؟ ! .
ثالثا : هل يعني وجود الرأي العام : أنه سوف يمنعهم من إحراق فاطمة ؟ !
وإذا كان الرأي العام يسمح بإحراق علي ( ع ) ، فلماذا لا يسمح بإحراق فاطمة ( ع ) والحسنين ( ع ) معه ؟ !
وهم مناصروه ، ومعاضدوه ، وإذا كانت أقوال النبي ( ص ) في حق الزهراء ( ع ) تمنعهم ، فلماذا لم تمنعهم أقواله ( ص ) في حق علي ( ع ) ؟ !
وأي رأي عام ذاك الذي يسمح باعتقال علي ( ع ) والاعتداء عليه ؟
وإذا كان هناك رأي عام موجود ، فلماذا لم يمنع من قول بعضهم لرسول الله ( ص ) : إن النبي ليهجر ؟ ! .
ولماذا لم يعاقب القائل ؟ ! أو على الأقل لماذا لم يبادر إلى تأنيبه ،
- ص 232 -
وملامته ؟ ! بل لم نجد ما يدل على أنهم عبسوا في وجهه .
وهو أقل ما كان يفترض فيهم في تلك الحال ، إلا إذا كان هذا البعض يريد أن ينكر حتى صدور ذلك من هذا الرجل بحق النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ! ! ثم لماذا لم يمنع الرأي العام من ضرب الزهراء ( ع ) ، وإسقاط جنينها بعد ذلك ؟ ؟ !
ولماذا لم يمنع الرأي العام من قتل الإمام الحسين ( ع ) ، ومن معه من نجوم الأرض من بني عبد المطلب ، ومن خيرة المؤمنين والمخلصين ؟ ! ثم سبي بنات رسول الله ( ص ) وذريته ، والطواف بهن في البلاد ، والعباد على رؤوس الأشهاد ؟ ! . . ولماذا ؟ ؟ ولماذا ؟ ؟ . .
رابعا : من الواضح : أن كلمة " وإن " وصلية ، يعاد ما قبلها إلى ما بعدها ، أي وإن كان في البيت فاطمة ، فإني سأحرق البيت بمن فيه . . وليس معنى هذه الكلمة : " لا شغل لنا بفاطمة نحن جئنا لنعتقل عليا " على حد تعبير هذا القائل ، فإن هذا المعنى لا تساعد عليه أي من قواعد اللغة العربية ، وليس له أي وجه مقبول في علوم البلاغة أو غيرها . .
وأما كلمة ( بمن فيه ) ، فإن كلمة " من " التي يراد بها العقلاء ، تؤكد على أنه سيحرق البيت ويحرق جميع من فيه من الناس ، وفيهم فاطمة والحسنان وعلي عليهم سلام الله .
ولو سلمنا صحة هذا التفسير ، فإذا كان لا شغل لهم بفاطمة ، فهل لا شغل لهم أيضا بمن فيه من بني هاشم ، والزبير ، والعباس ، الذين
- ص 233 -
يقول هذا البعض : إنهم كانوا موجودين أيضا ؟ ! .
فهل كلمة ( بمن فيه ) قد وضعت في اللغة العربية لخصوص علي عليه السلام ، وخرج الحسنان عليهما السلام ، وفضة والزبير ، والهاشميون وفاطمة والعباس و . . و . . و . .
أضف إلى ذلك : أنه لو كان ليس له شغل بفاطمة ، فلماذا لم يطلب منها مغادرة البيت الذي جاء بالحطب ليحرقه بمن فيه ؟ ! بل هو عوضا عن ذلك قال في جواب : إن فيها فاطمة : " وإن " .
طلب المسامحة يدل على مكانة الزهراء ( ع ) :
ويتساءل البعض ، فيقول : ألا يدل طلب الشيخين - أبي بكر وعمر - المسامحة من الزهراء ( ع ) ، على أن الزهراء عليها السلام كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم بين كبار الصحابة ؟ .
الجواب :
أولا : إن طلب المسامحة نفسه هذا يدل على أنهم قد آذوها ، وأغضبوها ، إلى درجة احتاجوا إلى طلب المسامحة منها ولو ظاهرا .
وثانيا : لا شك في أن الزهراء ( ع ) كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم ، وهذا ما اضطر الذين آذوها واعتدوا عليها إلى محاولة امتصاص النقمة ، وإزالة الآثار والنظرة السلبية التي نشأت وستنشأ تجاههم بسبب ما فعلوه وما ارتكبوه في حقها ( ع ) .
وثالثا : إنهم حين استرضوها لم يقدموا أي شئ يدل على أنهم
- ص 234 -
كانوا جديين في ذلك الاسترضاء ، بل إن كل الدلائل تشير إلى أنهم قد أقدموا على ذلك من أجل الإعلام وللإعلام فقط ، فهم لم يرجعوا إليها فدكا ، ولم يتخذوا خطوات عملية لإزالة آثار اعتدائهم الآثم عليها ، ولا تراجعوا عن تصميمهم الأكيد على اغتصاب حق علي عليه السلام ، وكذلك هم لم يعترفوا بأي خطأ أمام الصحابة بصورة علنية ، حيث ارتكبوا ما ارتكبوه بصورة علنية أيضا .
ورابعا : إن " احتفاظها بقيمتها " لم يمنعهم من الاعتداء عليها بالضرب وبغيره ، كما أن أباها قد كان أعظم في نفوس الناس منها ، وأقدس .
ولم تمنعهم عظمته وقداسته ، وقيمته - حين اقتضت طموحاتهم ومصالحهم - من توجيه أقسى قواذع القول له ( ص ) ، حينما تصدى بعضهم لمنعه ( ص ) من كتابة الكتاب بالوصية لعلي عليه السلام وكان ( ص ) على فراش المرض ، في ما عرف برزية يوم الخميس ! وقال قائلهم : إن النبي ليهجر ! أو : غلبه الوجع ! ( 1 ) .
هذا بالإضافة إلى أنهم كانوا قبل ذلك قد واجهوا ذلك
( 1 ) الإيضاح : ص 359 وتذكرة الخواص : ص 62 وسر العالمين : 21 ، وصحيح البخاري : ج 3 ص 60 و ج 4 ص 5 و 173 و ج 1 ص 21 و ج 2 ، ص 115 ، والمصنف للصنعاني : ج 6 ، ص 57 و ج 10 ، ص 361 ، وراجع ج 5 ص 438 والارشاد المفيد : ص 107 ط النجف ، والبحار : ج 22 ، ص 498 . وراجع : الغيبة للنعماني : ص 81 و 82 وعمدة القاري : ج 14 ، ص 298 و ج 2 ص 170 و 171 و ج 25 ص 76 وفتح الباري : ج 8 ص 100 و 101 و 102 و 186 و 187 والبداية والنهاية : ج 5 ، ص 227 و 251 والبدء والتاريخ : ج 5 ص 59 والملل والنحل : ج 1 ، ص 22 ، والطبقات الكبرى : ج 2 ، ص 244 ، وتاريخ الأمم والملوك : ج 3 ، ص 192 - 193 ط - الاستقامة ، والكامل في التاريخ : ج 2 ، ص 320 ، وأنساب الأشراف : ج 1 ، ص 562 ، وشرح النهج للمعتزلي : ج 6 ، ص 51 ، و ج 2 ص 55 ، وتاريخ الخميس : ج 2 ، ص 164 =>
- ص 235 -
الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بالصراخ والضجيج في موسم الحج ( 1 ) حين قال لهم الأئمة بعدي اثنا عشر . . حتى لم يستطع السامع أن يسمع ما يقوله الرسول ( ص ) بعد ذلك ، " كلهم من
=> و 182 وصحيح مسلم : ج ص 75 ، ومسند أحمد : ج 1 ص 355 و 324 و 222 و 325 و 332 و 336 و 362 و 346 والسيرة الحلبية : ج 3 ، ص 344 ، ونهج الحق : ص 273 ، والعبر وديوان المبتدأ والخبر : ج 2 قسم 2 ص 62 وإثبات الهداة : ج 2 ص 344 و 348 و 399 و ج 1 ص 657 والجامع الصحيح للترمذي : ج 3 ص 55 ونهاية الإرب : ج 18 ص 375 ، وروضة المناظر لابن شحنة : ج 7 ص 808 ( مطبوع هامش الكامل في التاريخ ) . .
وراجع : حق اليقين : ج 1 ص 181 و 182 ، ودلائل الصدق : ج 3 قسم 1 ، ص 63 و 70 ، والصراط المستقيم : ج 3 ص 3 و 7 والمراجعات : 353 والنص والاجتهاد : ص 149 و 163 . والمختصر في أخبار البشر : ج 1 ص 151 ومجموع الغرائب للكفعمي : ص 289 ومنهاج السنة ج 3 ص 135 ومناقب آل أبي طالب ج 1 ص 292 وتاريخ الإسلام ج 2 ص 383 و 384 وكشف المحجة ص 64 ط سنة 1370 ه . ط الحيدرية النجف ، والطرائف ص 432 و 433 ، وراجع التراتيب الإدارية : ج 2 ص 241 وكنز العمال ط الهند سنة 1381 ه . ج 7 ص 170 ودلائل النبوة للبيهقي : ج 7 ص 181 / 184 ، ومسند أبي يعلى : ج 5 ص 393 و ج 3 ص 393 و 394 و ج 4 ص 299 ومجمع الزوائد : ج 4 ص 214 .
( 1 ) راجع : مسند أبي عوانة : ج 4 ص 394 و 400 ، ومسند أحمد : ج 5 ص 99 و 93 و 90 و 96 و 98 ، و 101 ، وسنن أبي داود : ج 4 ص 106 ، والغيبة للنعماني : ص 122 و 124 و 121 و 123 ، وإرشاد الساري : ج 10 ص 273 ، وصحيح مسلم : ج 6 ص 4 ط مشكول ، والغيبة للشيخ الطوسي : ص 88 و 89 ، وفتح الباري : ج 13 ص 181 و 182 و 183 و 184 ، وأعلام الورى : ص 38 ، والبحار : ج 36 ص 239 و 235 و 240 و ج 63 ص 236 ، ومنتخب الأثر : ص 20 ، وإكمال الدين : ج 1 ص 272 و 273 ، وتاريخ الخلفاء : ص 10 و 11 ، والصواعق المحرقة : ص 18 ، وينابيع المودة : ص 444 و 445 ، والخصال أبواب الاثني عشر . وراجع ج 2 ص 474 و 470 و 472 ، وعن عيون أخبار =>
- ص 236 -
قريش " ( 1 ) وذلك حين أحسوا منه أنه يريد أن يؤكد على إمامة علي عليه السلام وخلافته من بعده .
كما أن قيمة وعظمة وقداسة هذا النبي لم تمنعهم من الإصرار على مخالفة أمره الأكيد لهم بأن يلتحقوا بجيش أسامة ، مع أنه ( ص ) قال لهم : لعن الله من تخلف عن جيش أسامة ( 2 ) ، كما أن ذلك لم يمنعهم من محاولة اغتياله ( ص ) بتنفير ناقته به في العقبة ( 3 ) .
=> الرضا ، وعن كتاب مودة القربى ، والمودة العاشرة ، وإحقاق الحق ( الملحقات ) : ج 13 ص 1 ، والعمدة لابن البطريق : ص 421 . وراجع : النهاية في اللغة : ج 3 ص 54 ، ولسان العرب : ج 12 ص 343 . وعن كتاب : القرب في محبة العرب : ص 129
( 1 ) راجع : حول عدم سماع الراوي لكلمة : " كلهم من قريش " ، أو " من بني هاشم " المصادر التالية : صحيح مسلم : ج 6 ص 3 بعدة طرق . ط مشكول . ومسند أحمد ج 5 ص 92 و 93 و 94 و 90 و 96 و 95 و 97 89 و 98 و 99 و 100 و 101 و 106 و 107 و 108 ، ومسند أبي عوانة : ج 4 ص 394 ، وحلية الأولياء ج 4 ، ص 333 ، وأعلام الورى : ص 382 ، والعمدة لابن البطريق ص 416 - 422 ، وإكمال الدين ج 1 ص 272 ، و 273 ، والخصال : ج 2 ص 469 و 275 ، وفتح الباري : ج 13 ص 181 - 185 والغيبة للنعماني : ص 119 - 125 ، وصحيح البخاري : ج 4 ص 159 ، وينابيع المودة : ص 444 = 446 ، وتاريخ بغداد : ج 2 ص 126 و ج 14 ص 353 ، والمستدرك على الصحيحين : ج 3 ص 618 ، وتلخيصه للذهبي ( مطبوع بهامشه ) نفس الصفحة ، ومنتخب الأثر : ص 10 - 23 عن مصادر كثيرة ، والجامع الصحيح للترمذي : ج 4 ص 501 ، وسنن أبي داود : ج 4 ص 116 ، وكفاية الأثر من ص 49 حتى نهاية الكتاب ، والبحار : ج 36 ص 231 ، إلى آخر الفصل ، وإحقاق الحق ( قسم الملحقات ) ج 13 ص 1 - 50 ، عن مصادر كثيرة .
( 2 ) تقدمت المصادر لذلك .
( 3 ) راجع : المسترشد في إمامة علي ( ع ) : ص 146 ، والفرق بين الفرق : ص 147 . ( * )
- ص 237 -
وخامسا : أي مكانة لها في نفوسهم وعمر يقول لأبي بكر ، وهو يبكي عندما زجرته الزهراء لما دخلا عليها لاسترضائها : أتجزع لغضب امرأة . ؟
وسادسا : إنه لا يمكن تقويم أحداث التاريخ على أساس تحكيم عامل واحد في صنع الحدث كالعامل الإنساني فقط ، أو الأخلاقي ، أو الديني ، أو المصلحي ، أو الاقتصادي ، أو العقلي ، أو ما إلى ذلك ، وإن كان لكل واحد منها درجة من التأثير في صنع هذا الحدث ، وتحديد دوافعه وآثاره .
ولو صح هذا لكان اللازم تكذيب قتل يزيد للحسين مثلا ، أو ادعاء فرعون للربوبية ، لأن ذلك لا ينسجم مع الدين ولا مع الأخلاق ، ولا يقره عقل أو وجدان ! !
والحقيقة هي أن المؤثر في صنع الحدث قد يكون تلك الأمور المتقدمة كلها ، وقد يكون السبب هو جنون الشهوات أيضا ، بل قد ينتج الحدث عن حماقة ، أو عن توهج عاطفي ، أو عن أمراض وعقد نفسية ، أو عن طموحات صحيحة أو خاطئة ، وقد يكون بعض ما تقدم ، منضما إلى هذا أو إلى غيره ، واحدا كان أو أكثر ، هو المؤثر في صنع الحدث . إذن ، فتعظيم الزهراء عليها السلام واحترامها قد لا يمنعهم من غصب فدك منها مثلا ، إذا اقتضت سياساتهم ، أو مصلحتهم ، أو شهوتهم للحكم ، أو للمال ذلك .
وكلنا يعرف أن حب الولد والعطف عليه لا يمنع أباه من قتله إذا نازعه الملك ، وقد سمعنا العديد من الحكام يقول : الملك عقيم لا
- ص 238 -
رحم له ( 1 ) وقد يضرب أحدهم ولده ضربا مبرحا ، لسبب شخصي ، أو لوقوفه في وجه بعض طموحاته وشهواته . ويقال : إن بعض النساء في العهد العباسي قتلت ولدها في سبيل الملك ، والمأمون قد قتل أخاه في سبيل ذلك ، كما قدمنا .
وهكذا يتضح : أن العوامل والمؤثرات قد يقوى بعضها على بعض ، ويلغي بعضها تأثير البعض الآخر .
( 1 ) راجع : شرح ميمية أبي فراس : ص 73 ، و 74 ، والبحار : ج 48 ص 131 ، وعيون أخبار الرضا : ج 1 ص 91 ، وينابيع المودة : ص 383 ، ومقاتل الطالبين : ص 453 ، والمناقب للخوارزمي : ص 208 ، والطبقات الكبرى لابن سعد : ج 5 ص 227 ط صادر ، والبداية والنهاية : ج 8 ص 316 ، وتتمة المنتهى : ص 185 ، وراجع : قاموس الرجال : ج 10 ص 370 . ( * )
- ص 142 -
علي ( ع ) متمرد لا بد من إخضاعه :
يطرح البعض مقولة مفادها : 1 - إن المجتمعين في بيت الزهراء ( ع ) ، وهم علي ( ع ) وبنو هاشم هم معارضة للحكم ، فطبيعة الأمور تقتضي : أنه إذا اجتمعت المعارضة ليتمردوا على الخلافة ، أن يبادر الحكام لمواجهتهم ، وإخضاعهم ، فمجيئهم إنما كان لاعتقال علي ( ع ) كي تنتهي المعارضة .
2 - إن غرض المهاجمين هو اعتقال علي ( ع ) ، وأما فاطمة ( ع ) فلا شغل لهم بها ، لأن هناك رأي عام موجود ، فقول عمر " وإن " ، جوابا لمن قال له : إن فيها فاطمة ، يكون طبيعيا ، ومعناه : ما لنا شغل بفاطمة ، نحن نريد القضاء على المعارضة باعتقال علي ، فإن كانت الزهراء موجودة فنحن لا نقصدها بشئ ، وقصدنا هو اعتقال علي فقط .
والجواب :
أولا : إننا نستغرب جدا وصف علي عليه السلام بأنه " متمرد " ! ! وكذا وصفه ومن معه من بني هاشم وغيرهم بأنهم " معارضة " ! ! ومتى استقر للغاصبين حكم ، واستقام لهم سلطان ، حتى يوصف الآخرون بأنهم معارضة ؟ !
فإن الاعتداء على بيت الزهراء ( ع ) قد كان فور عودة أبي بكر من سقيفة بني ساعدة إلى المسجد ، حيث جلس على منبر النبي ( ص ) للبيعة ، وبدأ الهجوم في هذا الوقت بالذات ، وحتى بعد تمكنهم من الامساك بأزمة الأمور ، فهل يحسن أو يصح وصف صاحب الحق الشرعي ، والذي يباشر المعتدون الاعتداء عليه ، بهدف ابتزاز حقه ومنصبه الذي وضعه الله تعالى فيه ، والتغلب عليه بالقوة
- ص 231 -
والقهر ، والحيلة والدهاء ، وبالوسائل غير المشروعة ، هل يصح وصفه بأنه " معارضة " ؟ ! وبأنه متمرد ؟ ! ولا بد من إخضاعه ؟ هل كل ذلك ليكون الغاصب المعتدي هو " الشرعية " ؟ ! .
وثانيا : لو صح ذلك كله ، فهل يصبح معنى قول عمر : لتخرجن أو لأحرقن البيت بمن فيه ، فقالوا له : إن فيها فاطمة ، فقال : وإن . . هل يصبح معناه : إننا لا شغل لنا بفاطمة ، نحن نريد اعتقال علي ؟ ! وهل يعني ذلك : أنهم سوف ينقذون فاطمة من الاحتراق بالنار ، ويوجهون النار نحو علي دون سواه ؟ ! وبذا تكون فاطمة محترمة ومبجلة عند المهاجمين ، وقد حفظوا فيها والدها رسول الله ( ص ) ؟ ! .
ثالثا : هل يعني وجود الرأي العام : أنه سوف يمنعهم من إحراق فاطمة ؟ !
وإذا كان الرأي العام يسمح بإحراق علي ( ع ) ، فلماذا لا يسمح بإحراق فاطمة ( ع ) والحسنين ( ع ) معه ؟ !
وهم مناصروه ، ومعاضدوه ، وإذا كانت أقوال النبي ( ص ) في حق الزهراء ( ع ) تمنعهم ، فلماذا لم تمنعهم أقواله ( ص ) في حق علي ( ع ) ؟ !
وأي رأي عام ذاك الذي يسمح باعتقال علي ( ع ) والاعتداء عليه ؟
وإذا كان هناك رأي عام موجود ، فلماذا لم يمنع من قول بعضهم لرسول الله ( ص ) : إن النبي ليهجر ؟ ! .
ولماذا لم يعاقب القائل ؟ ! أو على الأقل لماذا لم يبادر إلى تأنيبه ،
- ص 232 -
وملامته ؟ ! بل لم نجد ما يدل على أنهم عبسوا في وجهه .
وهو أقل ما كان يفترض فيهم في تلك الحال ، إلا إذا كان هذا البعض يريد أن ينكر حتى صدور ذلك من هذا الرجل بحق النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ! ! ثم لماذا لم يمنع الرأي العام من ضرب الزهراء ( ع ) ، وإسقاط جنينها بعد ذلك ؟ ؟ !
ولماذا لم يمنع الرأي العام من قتل الإمام الحسين ( ع ) ، ومن معه من نجوم الأرض من بني عبد المطلب ، ومن خيرة المؤمنين والمخلصين ؟ ! ثم سبي بنات رسول الله ( ص ) وذريته ، والطواف بهن في البلاد ، والعباد على رؤوس الأشهاد ؟ ! . . ولماذا ؟ ؟ ولماذا ؟ ؟ . .
رابعا : من الواضح : أن كلمة " وإن " وصلية ، يعاد ما قبلها إلى ما بعدها ، أي وإن كان في البيت فاطمة ، فإني سأحرق البيت بمن فيه . . وليس معنى هذه الكلمة : " لا شغل لنا بفاطمة نحن جئنا لنعتقل عليا " على حد تعبير هذا القائل ، فإن هذا المعنى لا تساعد عليه أي من قواعد اللغة العربية ، وليس له أي وجه مقبول في علوم البلاغة أو غيرها . .
وأما كلمة ( بمن فيه ) ، فإن كلمة " من " التي يراد بها العقلاء ، تؤكد على أنه سيحرق البيت ويحرق جميع من فيه من الناس ، وفيهم فاطمة والحسنان وعلي عليهم سلام الله .
ولو سلمنا صحة هذا التفسير ، فإذا كان لا شغل لهم بفاطمة ، فهل لا شغل لهم أيضا بمن فيه من بني هاشم ، والزبير ، والعباس ، الذين
- ص 233 -
يقول هذا البعض : إنهم كانوا موجودين أيضا ؟ ! .
فهل كلمة ( بمن فيه ) قد وضعت في اللغة العربية لخصوص علي عليه السلام ، وخرج الحسنان عليهما السلام ، وفضة والزبير ، والهاشميون وفاطمة والعباس و . . و . . و . .
أضف إلى ذلك : أنه لو كان ليس له شغل بفاطمة ، فلماذا لم يطلب منها مغادرة البيت الذي جاء بالحطب ليحرقه بمن فيه ؟ ! بل هو عوضا عن ذلك قال في جواب : إن فيها فاطمة : " وإن " .
طلب المسامحة يدل على مكانة الزهراء ( ع ) :
ويتساءل البعض ، فيقول : ألا يدل طلب الشيخين - أبي بكر وعمر - المسامحة من الزهراء ( ع ) ، على أن الزهراء عليها السلام كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم بين كبار الصحابة ؟ .
الجواب :
أولا : إن طلب المسامحة نفسه هذا يدل على أنهم قد آذوها ، وأغضبوها ، إلى درجة احتاجوا إلى طلب المسامحة منها ولو ظاهرا .
وثانيا : لا شك في أن الزهراء ( ع ) كانت تحتفظ بقيمتها في المجتمع المسلم ، وهذا ما اضطر الذين آذوها واعتدوا عليها إلى محاولة امتصاص النقمة ، وإزالة الآثار والنظرة السلبية التي نشأت وستنشأ تجاههم بسبب ما فعلوه وما ارتكبوه في حقها ( ع ) .
وثالثا : إنهم حين استرضوها لم يقدموا أي شئ يدل على أنهم
- ص 234 -
كانوا جديين في ذلك الاسترضاء ، بل إن كل الدلائل تشير إلى أنهم قد أقدموا على ذلك من أجل الإعلام وللإعلام فقط ، فهم لم يرجعوا إليها فدكا ، ولم يتخذوا خطوات عملية لإزالة آثار اعتدائهم الآثم عليها ، ولا تراجعوا عن تصميمهم الأكيد على اغتصاب حق علي عليه السلام ، وكذلك هم لم يعترفوا بأي خطأ أمام الصحابة بصورة علنية ، حيث ارتكبوا ما ارتكبوه بصورة علنية أيضا .
ورابعا : إن " احتفاظها بقيمتها " لم يمنعهم من الاعتداء عليها بالضرب وبغيره ، كما أن أباها قد كان أعظم في نفوس الناس منها ، وأقدس .
ولم تمنعهم عظمته وقداسته ، وقيمته - حين اقتضت طموحاتهم ومصالحهم - من توجيه أقسى قواذع القول له ( ص ) ، حينما تصدى بعضهم لمنعه ( ص ) من كتابة الكتاب بالوصية لعلي عليه السلام وكان ( ص ) على فراش المرض ، في ما عرف برزية يوم الخميس ! وقال قائلهم : إن النبي ليهجر ! أو : غلبه الوجع ! ( 1 ) .
هذا بالإضافة إلى أنهم كانوا قبل ذلك قد واجهوا ذلك
( 1 ) الإيضاح : ص 359 وتذكرة الخواص : ص 62 وسر العالمين : 21 ، وصحيح البخاري : ج 3 ص 60 و ج 4 ص 5 و 173 و ج 1 ص 21 و ج 2 ، ص 115 ، والمصنف للصنعاني : ج 6 ، ص 57 و ج 10 ، ص 361 ، وراجع ج 5 ص 438 والارشاد المفيد : ص 107 ط النجف ، والبحار : ج 22 ، ص 498 . وراجع : الغيبة للنعماني : ص 81 و 82 وعمدة القاري : ج 14 ، ص 298 و ج 2 ص 170 و 171 و ج 25 ص 76 وفتح الباري : ج 8 ص 100 و 101 و 102 و 186 و 187 والبداية والنهاية : ج 5 ، ص 227 و 251 والبدء والتاريخ : ج 5 ص 59 والملل والنحل : ج 1 ، ص 22 ، والطبقات الكبرى : ج 2 ، ص 244 ، وتاريخ الأمم والملوك : ج 3 ، ص 192 - 193 ط - الاستقامة ، والكامل في التاريخ : ج 2 ، ص 320 ، وأنساب الأشراف : ج 1 ، ص 562 ، وشرح النهج للمعتزلي : ج 6 ، ص 51 ، و ج 2 ص 55 ، وتاريخ الخميس : ج 2 ، ص 164 =>
- ص 235 -
الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بالصراخ والضجيج في موسم الحج ( 1 ) حين قال لهم الأئمة بعدي اثنا عشر . . حتى لم يستطع السامع أن يسمع ما يقوله الرسول ( ص ) بعد ذلك ، " كلهم من
=> و 182 وصحيح مسلم : ج ص 75 ، ومسند أحمد : ج 1 ص 355 و 324 و 222 و 325 و 332 و 336 و 362 و 346 والسيرة الحلبية : ج 3 ، ص 344 ، ونهج الحق : ص 273 ، والعبر وديوان المبتدأ والخبر : ج 2 قسم 2 ص 62 وإثبات الهداة : ج 2 ص 344 و 348 و 399 و ج 1 ص 657 والجامع الصحيح للترمذي : ج 3 ص 55 ونهاية الإرب : ج 18 ص 375 ، وروضة المناظر لابن شحنة : ج 7 ص 808 ( مطبوع هامش الكامل في التاريخ ) . .
وراجع : حق اليقين : ج 1 ص 181 و 182 ، ودلائل الصدق : ج 3 قسم 1 ، ص 63 و 70 ، والصراط المستقيم : ج 3 ص 3 و 7 والمراجعات : 353 والنص والاجتهاد : ص 149 و 163 . والمختصر في أخبار البشر : ج 1 ص 151 ومجموع الغرائب للكفعمي : ص 289 ومنهاج السنة ج 3 ص 135 ومناقب آل أبي طالب ج 1 ص 292 وتاريخ الإسلام ج 2 ص 383 و 384 وكشف المحجة ص 64 ط سنة 1370 ه . ط الحيدرية النجف ، والطرائف ص 432 و 433 ، وراجع التراتيب الإدارية : ج 2 ص 241 وكنز العمال ط الهند سنة 1381 ه . ج 7 ص 170 ودلائل النبوة للبيهقي : ج 7 ص 181 / 184 ، ومسند أبي يعلى : ج 5 ص 393 و ج 3 ص 393 و 394 و ج 4 ص 299 ومجمع الزوائد : ج 4 ص 214 .
( 1 ) راجع : مسند أبي عوانة : ج 4 ص 394 و 400 ، ومسند أحمد : ج 5 ص 99 و 93 و 90 و 96 و 98 ، و 101 ، وسنن أبي داود : ج 4 ص 106 ، والغيبة للنعماني : ص 122 و 124 و 121 و 123 ، وإرشاد الساري : ج 10 ص 273 ، وصحيح مسلم : ج 6 ص 4 ط مشكول ، والغيبة للشيخ الطوسي : ص 88 و 89 ، وفتح الباري : ج 13 ص 181 و 182 و 183 و 184 ، وأعلام الورى : ص 38 ، والبحار : ج 36 ص 239 و 235 و 240 و ج 63 ص 236 ، ومنتخب الأثر : ص 20 ، وإكمال الدين : ج 1 ص 272 و 273 ، وتاريخ الخلفاء : ص 10 و 11 ، والصواعق المحرقة : ص 18 ، وينابيع المودة : ص 444 و 445 ، والخصال أبواب الاثني عشر . وراجع ج 2 ص 474 و 470 و 472 ، وعن عيون أخبار =>
- ص 236 -
قريش " ( 1 ) وذلك حين أحسوا منه أنه يريد أن يؤكد على إمامة علي عليه السلام وخلافته من بعده .
كما أن قيمة وعظمة وقداسة هذا النبي لم تمنعهم من الإصرار على مخالفة أمره الأكيد لهم بأن يلتحقوا بجيش أسامة ، مع أنه ( ص ) قال لهم : لعن الله من تخلف عن جيش أسامة ( 2 ) ، كما أن ذلك لم يمنعهم من محاولة اغتياله ( ص ) بتنفير ناقته به في العقبة ( 3 ) .
=> الرضا ، وعن كتاب مودة القربى ، والمودة العاشرة ، وإحقاق الحق ( الملحقات ) : ج 13 ص 1 ، والعمدة لابن البطريق : ص 421 . وراجع : النهاية في اللغة : ج 3 ص 54 ، ولسان العرب : ج 12 ص 343 . وعن كتاب : القرب في محبة العرب : ص 129
( 1 ) راجع : حول عدم سماع الراوي لكلمة : " كلهم من قريش " ، أو " من بني هاشم " المصادر التالية : صحيح مسلم : ج 6 ص 3 بعدة طرق . ط مشكول . ومسند أحمد ج 5 ص 92 و 93 و 94 و 90 و 96 و 95 و 97 89 و 98 و 99 و 100 و 101 و 106 و 107 و 108 ، ومسند أبي عوانة : ج 4 ص 394 ، وحلية الأولياء ج 4 ، ص 333 ، وأعلام الورى : ص 382 ، والعمدة لابن البطريق ص 416 - 422 ، وإكمال الدين ج 1 ص 272 ، و 273 ، والخصال : ج 2 ص 469 و 275 ، وفتح الباري : ج 13 ص 181 - 185 والغيبة للنعماني : ص 119 - 125 ، وصحيح البخاري : ج 4 ص 159 ، وينابيع المودة : ص 444 = 446 ، وتاريخ بغداد : ج 2 ص 126 و ج 14 ص 353 ، والمستدرك على الصحيحين : ج 3 ص 618 ، وتلخيصه للذهبي ( مطبوع بهامشه ) نفس الصفحة ، ومنتخب الأثر : ص 10 - 23 عن مصادر كثيرة ، والجامع الصحيح للترمذي : ج 4 ص 501 ، وسنن أبي داود : ج 4 ص 116 ، وكفاية الأثر من ص 49 حتى نهاية الكتاب ، والبحار : ج 36 ص 231 ، إلى آخر الفصل ، وإحقاق الحق ( قسم الملحقات ) ج 13 ص 1 - 50 ، عن مصادر كثيرة .
( 2 ) تقدمت المصادر لذلك .
( 3 ) راجع : المسترشد في إمامة علي ( ع ) : ص 146 ، والفرق بين الفرق : ص 147 . ( * )
- ص 237 -
وخامسا : أي مكانة لها في نفوسهم وعمر يقول لأبي بكر ، وهو يبكي عندما زجرته الزهراء لما دخلا عليها لاسترضائها : أتجزع لغضب امرأة . ؟
وسادسا : إنه لا يمكن تقويم أحداث التاريخ على أساس تحكيم عامل واحد في صنع الحدث كالعامل الإنساني فقط ، أو الأخلاقي ، أو الديني ، أو المصلحي ، أو الاقتصادي ، أو العقلي ، أو ما إلى ذلك ، وإن كان لكل واحد منها درجة من التأثير في صنع هذا الحدث ، وتحديد دوافعه وآثاره .
ولو صح هذا لكان اللازم تكذيب قتل يزيد للحسين مثلا ، أو ادعاء فرعون للربوبية ، لأن ذلك لا ينسجم مع الدين ولا مع الأخلاق ، ولا يقره عقل أو وجدان ! !
والحقيقة هي أن المؤثر في صنع الحدث قد يكون تلك الأمور المتقدمة كلها ، وقد يكون السبب هو جنون الشهوات أيضا ، بل قد ينتج الحدث عن حماقة ، أو عن توهج عاطفي ، أو عن أمراض وعقد نفسية ، أو عن طموحات صحيحة أو خاطئة ، وقد يكون بعض ما تقدم ، منضما إلى هذا أو إلى غيره ، واحدا كان أو أكثر ، هو المؤثر في صنع الحدث . إذن ، فتعظيم الزهراء عليها السلام واحترامها قد لا يمنعهم من غصب فدك منها مثلا ، إذا اقتضت سياساتهم ، أو مصلحتهم ، أو شهوتهم للحكم ، أو للمال ذلك .
وكلنا يعرف أن حب الولد والعطف عليه لا يمنع أباه من قتله إذا نازعه الملك ، وقد سمعنا العديد من الحكام يقول : الملك عقيم لا
- ص 238 -
رحم له ( 1 ) وقد يضرب أحدهم ولده ضربا مبرحا ، لسبب شخصي ، أو لوقوفه في وجه بعض طموحاته وشهواته . ويقال : إن بعض النساء في العهد العباسي قتلت ولدها في سبيل الملك ، والمأمون قد قتل أخاه في سبيل ذلك ، كما قدمنا .
وهكذا يتضح : أن العوامل والمؤثرات قد يقوى بعضها على بعض ، ويلغي بعضها تأثير البعض الآخر .
( 1 ) راجع : شرح ميمية أبي فراس : ص 73 ، و 74 ، والبحار : ج 48 ص 131 ، وعيون أخبار الرضا : ج 1 ص 91 ، وينابيع المودة : ص 383 ، ومقاتل الطالبين : ص 453 ، والمناقب للخوارزمي : ص 208 ، والطبقات الكبرى لابن سعد : ج 5 ص 227 ط صادر ، والبداية والنهاية : ج 8 ص 316 ، وتتمة المنتهى : ص 185 ، وراجع : قاموس الرجال : ج 10 ص 370 . ( * )
- ص 142 -
مواضيع مماثلة
» النشاط الاجتماعي للزهراء عليها السلام
» هل الزهراء عليها السلام أول مؤلفة في الإسلام
» لماذا ؟ ! كتاب مأساة الزهراء عليها السلام
» مأساة الزهراء عليها السلام
» قيمة الزهراء عليها السلام
» هل الزهراء عليها السلام أول مؤلفة في الإسلام
» لماذا ؟ ! كتاب مأساة الزهراء عليها السلام
» مأساة الزهراء عليها السلام
» قيمة الزهراء عليها السلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى