إنكار وضرب الزهراء عليها السلام تبرئة للظالمين
صفحة 1 من اصل 1
إنكار وضرب الزهراء عليها السلام تبرئة للظالمين
مأساة الزهراء عليها السلام ج 1 - العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي - ص 130
إنكار ضرب الزهراء ( ع ) تبرئة للظالمين
ويقول البعض : إن نفي ضرب الزهراء ، وإسقاط جنينها ، وكسر ضلعها ، وغير ذلك لا يعني تبرئة أحد ممن ظلموها ، فما هو الحرج في ذلك ؟ !
ونقول : لم نفهم مقصود هذا القائل بالتحديد ، فإن نفي ضرب الزهراء ( ع ) ، معناه الصريح هو تبرئة الآخرين من الإقدام على الضرب ، ونفي إسقاط الجنين ، ونفي كسر الضلع أيضا معناه تبرئتهم من ذلك ، وهكذا الحال بالنسبة لإحراق البيت ، واقتحامه ، وما إلى ذلك ( ! ! ) .
فإن المتهم بعشرتهم إذا برئ من تسعة فهل يعني ذلك : أنه لا يزال مجرما في التسعة نفسها التي ثبتت براءته منها ؟ ! وإذا كانوا أبرياء من ذلك كله ، ولم يفعلوا شيئا إلا مجرد التهديد ، الذي هو الآخر قد يقال فيه : إنه صوري ، من أجل التخويف ، ولا ينبغي أن يحمل على محمل الجد ، خصوصا مع قولهم : إن مكانة الزهراء ( ع ) تمنع من الإقدام على أي شئ في حقها . . نعم . . إذا كانوا كذلك ، لم يبق ثمة شئ يطالبهم الناس به ، بل قد يقال لنا في وقت لاحق إنهم كانوا يقومون بواجبهم الديني ، وسيثيبهم الله على هذا التهديد ، لأنهم أرادوا به حفظ بيضة الإسلام ،
- ص 131 -
ولم شعث المسلمين ، وتجنيب الأمة مشاكل وخلافات خطيرة ، تماما كما فسروا قول البعض للنبي ( ص ) في مرض موته : إن النبي ( ص ) ليهجر ، بأنه كان هو الموقف الصحيح والرائد ، لأن النبي ( ص ) لو كتب الكتاب لثارت الخلافات ، وانقسم المسلمون ، ولأدى ذلك إلى مشاكل كبيرة وخطيرة ( 1 ) ، ولم يلتفتوا إلى أن النبي ( ص ) نفسه قد قال للناس : لن تضلوا بعده . فهل غاب عن بالهم أن النبي ( ص ) كان يقدر الأمور أيضا بصورة صحيحة ، ويعرف مسبقا نتائج ما يريد أن يقدم عليه . .
أنا لا أهتم لضرب الزهراء ( ع ) وهو لا يرتبط بالعقيدة :
يقول البعض : إن ضرب الزهراء ، وإسقاط جنينها ، وكسر ضلعها قضية تاريخية وليست متصلة بالعقيدة . ولهذا فهو لا يهتم لهذا الأمر شخصيا ، فسواء كسر ضلع الزهراء ( ع ) أم لم يكسر ، فإن ذلك لا يقع في دائرة اهتماماته ، على حد تعبيره ! ! .
ونقول : إننا نلاحظ ما يلي :
1 - إذا كان ذلك لا يقع في دائرة إهتمامات هذا الشخص أو
( 1 ) تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 / 284 - 286 . تحقيق : حسام الدين القدسي ، مطبعة المدني ، القاهرة . ( * )
- ص 132 -
ذاك ، فلماذا هو يحشد الأدلة والشواهد من كل حدب وصوب على نفي هذا الأمر ، أو التشكيك فيه على الأقل ، ولماذا إذا ثارت العاصفة ضده يتراجع ويستعمل التقية ، - كما قال - ويقول كلاما يلائم رأي الطرف الذي يوجه إليه النقد ، ثم يعود لإثارة هذا الأمر من جديد بكل عنف وإصرار ، ويواجه التحديات ، ويثير المشكلات ، بل هو يتهم الآخرين بأنواع التهم لمجرد أنهم سألوه عن رأيه في هذا الأمر وعلة إبدائه علنا وبهذا الشكل ، وفي هذا الظرف ، وفي هذا الزمن بالذات ، فضلا عن أن يعترض عليه فيه ، فيقول : إنهم لا يفهمون ، وبأن طريقتهم غوغائية ، وبأنهم معقدون ، وينطلقون من غرائزهم و . . .
هذا فضلا عن اتهامه لهم بما يعتبر إهدارا لدمهم ، وإغراء للناس بالاعتداء على حياتهم ، وذلك حين يجعلهم في دائرة العمالة للمخابرات الإسرائيلية أو غيرها ؟ ! فضلا عن جعلهم في دائرة الاتهام المستمر ، وخدش اعتبار شخصيتهم المعنوية بذلك .
2 - لماذا لا يتهم لما جرى على الزهراء ؟ ولماذا يكون كسر ضلعها أو إسقاط جنينها سيان بالنسبة إليه . وهل كل قضية مرت في التاريخ لا يصح أن نهتم لها ؟ ! أو أن اللازم أن لا تقع في دائرة اهتماماتنا ؟ ! فلماذا إذن اهتم الأئمة والنبي ( ص ) قبلهم بما يجري على الزهراء ( ع ) ، وبما يجري على الإمام الحسين ( ع ) وصحبه في كربلاء ؟ ! ولماذا يهتم هو نفسه بالتذكير بحدث جرى قبل سنوات يحتمل أن يكون له نوع ارتباط به ويعتبره من الشؤون والقضايا
- ص 133 -
الإسلامية الكبرى ، ثم لا يهتم بغيره من نظائره كمجزرة مكة ، وإسقاط الأميركيين للطائرة الإيرانية بركابها الثلاثمائة الأبرياء .
وكذلك لا يهتم بما ربما يعد أخطر قضية مفصلية في تاريخ هذا الإسلام العزيز ، وله ارتباط مباشر وعضوي في مساره العام على جميع الصعد وفي مختلف المجالات ألا وهو ضرب الزهراء ، أو كسر ظلعها .
3 - إن الذين ارتكبوا ما ارتكبوه بحق الزهراء عليها السلام قد تصدوا لأخطر مقام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو مقام الإمامة والخلافة ، وقد قال الشهرستاني : " وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة في كل زمان ( 1 ) " .
ويقول الخضري : إن هذه المسألة ( 2 ) كانت " سببا لأكثر الحوادث التي أصابت المسلمين ، وأوجدت ما سيرد عليكم من أنواع الشقاق ، والحروب المتواصلة ، التي قلما يخلو منها زمن ، سواء كان بين بيتين ، أو بين شخصين ( 3 )".
( 1 ) الملل والنحل : ج 1 ص 24 .
( 2 ) أي إن ترك مسألة الخلافة والاستخلاف من غير حل محدد ترضاه الأمة ، وتدفع عنه ، كان هو السبب لأكثر الحوادث التي أشار إليها . وقد قلنا - تعليقا على كلامه هذا : إذن ، كيف جاز للنبي ( ص ) أن يترك الأمة هكذا هملا ، ثم لا يضع حلا لأعظم مشكلة تواجهها ، وتسل عليها السيوف ، وتزهق لأجلها الأرواح . مع أن شريعته كاملة وشاملة . وقد بين فيها كل ما تحتاجه الأمة ، حتى أرش الخدش ؟ ! إن الحقيقة هي أنه ( ص ) قد بين ذلك ، وحدده . ولكن الآخرين لم يقبلوا منه ذلك ، وردوا أمر الله سبحانه ، فإنا لله ، وإنا إليه راجعون . .
( 3 ) محاضرات في التاريخ الإسلامي : ج 1 ص 167 . ( * )
- ص 134 -
ومن الواضح : أن معرفة هؤلاء الذين أبعدوا أهل البيت عن مقاماتهم ، وأزالوهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها وظهور أمرهم ووضوح مدى جرأتهم على الله سبحانه ، وعلى رسوله أمر ضروري ومطلوب لكل مسلم ، لأن ذلك يمس أخطر قضية في تاريخ الإسلام .
وبعبارة أوضح : إن لوازم الحدث هي التي ترتبط بالعقيدة ، وإن لم يكن ذات الحدث يرتبط بها ، فمثلا حينما نقرأ في القرآن عن زوجة لوط عليه السلام : أنها قد وشت بضيوف زوجها لقومها ، الذين يسعون إلى ارتكاب الفاحشة مع الرجال . قد نتعجب ، ونقول : هل يليق بالقرآن أن يؤرخ لقوم لوط في خصوص هذه الخصلة السيئة والدنيئة ؟ ! .
وهل يمكن لأحد أن يقول : إنني لا أهتم شخصيا بهذا الأمر التافه المذكور في القرآن ؟ ! أم أننا نفهم القضية بطريقة أخرى ، فنقول : لو كان الله سبحانه يريد أن " يؤرخ " لقوم لوط ، لكان أرخ لسائر الشعوب كالفينيقيين والكلدان والآشوريين ، والرومان ، والساسانيين ، وغيرهم ، ولكنا رأيناه يتحدث عن كثير من سياساتهم وشؤونهم وما مر بهم من أحداث كبيرة وخطيرة .
ولكن ذلك لم يكن ، فاقتصاره على خصوص هذا الأمر بالنسبة لخصوص قوم لوط يدلنا على أنه سبحانه وتعالى قد أراد لنا أن نستفيد من لوازم الحدث أمورا قد يكون لها مساس بالعقيدة ، أو بالشريعة ، أو بالمفاهيم الأخلاقية والحياتية في أكثر من مجال ؟ ! إننا لا شك سوف نتجه هذا الاتجاه الثاني ، ونبحث عن كل تلك اللوازم ، والحيثيات والمعاني التي أراد لنا القرآن أن نعيشها ، وأن
- ص 135 -
نلتفت إليها في ما حكاه لنا عن امرأة لوط وقومها ، لنستفيد منها المزيد من المعرفة والوعي ، والمزيد من الإيمان ، والمزيد من الطهر والصفاء .
ونجد في هذه القضية أكثر من معنى حياتي هام جدا . لا بد لنا من الإطلاع عليه ، وتثقيف أنفسنا به ، ويكفي أن نشير إلى ما تحمله هذه القصة - بعد الإلفات إلى بشاعة فعلهم ذاك - من تحد قوي ، من قتل المرأة ، والزوجة ، التي لم تكن تملك قدرات علمية ، وفكرية بمستوى ، تتحدى رجلا ، نبيا ، يملك كل القدرات والطاقات ، وخصوصا قدرة التحدي في مجال الإقناع ، وفي أمر يملك الدافع لمقاومته من خلال الدين ، والعقيدة والقداسة والأخلاق ، والعنفوان الإنساني ، حيث كان التحدي له في ضيوفه ( ع ) ، وفيما يمس الشرف ، والكرامة والدين ، والأخلاق ، والرسالة . . .
إنكار ضرب الزهراء ( ع ) تبرئة للظالمين
ويقول البعض : إن نفي ضرب الزهراء ، وإسقاط جنينها ، وكسر ضلعها ، وغير ذلك لا يعني تبرئة أحد ممن ظلموها ، فما هو الحرج في ذلك ؟ !
ونقول : لم نفهم مقصود هذا القائل بالتحديد ، فإن نفي ضرب الزهراء ( ع ) ، معناه الصريح هو تبرئة الآخرين من الإقدام على الضرب ، ونفي إسقاط الجنين ، ونفي كسر الضلع أيضا معناه تبرئتهم من ذلك ، وهكذا الحال بالنسبة لإحراق البيت ، واقتحامه ، وما إلى ذلك ( ! ! ) .
فإن المتهم بعشرتهم إذا برئ من تسعة فهل يعني ذلك : أنه لا يزال مجرما في التسعة نفسها التي ثبتت براءته منها ؟ ! وإذا كانوا أبرياء من ذلك كله ، ولم يفعلوا شيئا إلا مجرد التهديد ، الذي هو الآخر قد يقال فيه : إنه صوري ، من أجل التخويف ، ولا ينبغي أن يحمل على محمل الجد ، خصوصا مع قولهم : إن مكانة الزهراء ( ع ) تمنع من الإقدام على أي شئ في حقها . . نعم . . إذا كانوا كذلك ، لم يبق ثمة شئ يطالبهم الناس به ، بل قد يقال لنا في وقت لاحق إنهم كانوا يقومون بواجبهم الديني ، وسيثيبهم الله على هذا التهديد ، لأنهم أرادوا به حفظ بيضة الإسلام ،
- ص 131 -
ولم شعث المسلمين ، وتجنيب الأمة مشاكل وخلافات خطيرة ، تماما كما فسروا قول البعض للنبي ( ص ) في مرض موته : إن النبي ( ص ) ليهجر ، بأنه كان هو الموقف الصحيح والرائد ، لأن النبي ( ص ) لو كتب الكتاب لثارت الخلافات ، وانقسم المسلمون ، ولأدى ذلك إلى مشاكل كبيرة وخطيرة ( 1 ) ، ولم يلتفتوا إلى أن النبي ( ص ) نفسه قد قال للناس : لن تضلوا بعده . فهل غاب عن بالهم أن النبي ( ص ) كان يقدر الأمور أيضا بصورة صحيحة ، ويعرف مسبقا نتائج ما يريد أن يقدم عليه . .
أنا لا أهتم لضرب الزهراء ( ع ) وهو لا يرتبط بالعقيدة :
يقول البعض : إن ضرب الزهراء ، وإسقاط جنينها ، وكسر ضلعها قضية تاريخية وليست متصلة بالعقيدة . ولهذا فهو لا يهتم لهذا الأمر شخصيا ، فسواء كسر ضلع الزهراء ( ع ) أم لم يكسر ، فإن ذلك لا يقع في دائرة اهتماماته ، على حد تعبيره ! ! .
ونقول : إننا نلاحظ ما يلي :
1 - إذا كان ذلك لا يقع في دائرة إهتمامات هذا الشخص أو
( 1 ) تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 / 284 - 286 . تحقيق : حسام الدين القدسي ، مطبعة المدني ، القاهرة . ( * )
- ص 132 -
ذاك ، فلماذا هو يحشد الأدلة والشواهد من كل حدب وصوب على نفي هذا الأمر ، أو التشكيك فيه على الأقل ، ولماذا إذا ثارت العاصفة ضده يتراجع ويستعمل التقية ، - كما قال - ويقول كلاما يلائم رأي الطرف الذي يوجه إليه النقد ، ثم يعود لإثارة هذا الأمر من جديد بكل عنف وإصرار ، ويواجه التحديات ، ويثير المشكلات ، بل هو يتهم الآخرين بأنواع التهم لمجرد أنهم سألوه عن رأيه في هذا الأمر وعلة إبدائه علنا وبهذا الشكل ، وفي هذا الظرف ، وفي هذا الزمن بالذات ، فضلا عن أن يعترض عليه فيه ، فيقول : إنهم لا يفهمون ، وبأن طريقتهم غوغائية ، وبأنهم معقدون ، وينطلقون من غرائزهم و . . .
هذا فضلا عن اتهامه لهم بما يعتبر إهدارا لدمهم ، وإغراء للناس بالاعتداء على حياتهم ، وذلك حين يجعلهم في دائرة العمالة للمخابرات الإسرائيلية أو غيرها ؟ ! فضلا عن جعلهم في دائرة الاتهام المستمر ، وخدش اعتبار شخصيتهم المعنوية بذلك .
2 - لماذا لا يتهم لما جرى على الزهراء ؟ ولماذا يكون كسر ضلعها أو إسقاط جنينها سيان بالنسبة إليه . وهل كل قضية مرت في التاريخ لا يصح أن نهتم لها ؟ ! أو أن اللازم أن لا تقع في دائرة اهتماماتنا ؟ ! فلماذا إذن اهتم الأئمة والنبي ( ص ) قبلهم بما يجري على الزهراء ( ع ) ، وبما يجري على الإمام الحسين ( ع ) وصحبه في كربلاء ؟ ! ولماذا يهتم هو نفسه بالتذكير بحدث جرى قبل سنوات يحتمل أن يكون له نوع ارتباط به ويعتبره من الشؤون والقضايا
- ص 133 -
الإسلامية الكبرى ، ثم لا يهتم بغيره من نظائره كمجزرة مكة ، وإسقاط الأميركيين للطائرة الإيرانية بركابها الثلاثمائة الأبرياء .
وكذلك لا يهتم بما ربما يعد أخطر قضية مفصلية في تاريخ هذا الإسلام العزيز ، وله ارتباط مباشر وعضوي في مساره العام على جميع الصعد وفي مختلف المجالات ألا وهو ضرب الزهراء ، أو كسر ظلعها .
3 - إن الذين ارتكبوا ما ارتكبوه بحق الزهراء عليها السلام قد تصدوا لأخطر مقام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو مقام الإمامة والخلافة ، وقد قال الشهرستاني : " وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة في كل زمان ( 1 ) " .
ويقول الخضري : إن هذه المسألة ( 2 ) كانت " سببا لأكثر الحوادث التي أصابت المسلمين ، وأوجدت ما سيرد عليكم من أنواع الشقاق ، والحروب المتواصلة ، التي قلما يخلو منها زمن ، سواء كان بين بيتين ، أو بين شخصين ( 3 )".
( 1 ) الملل والنحل : ج 1 ص 24 .
( 2 ) أي إن ترك مسألة الخلافة والاستخلاف من غير حل محدد ترضاه الأمة ، وتدفع عنه ، كان هو السبب لأكثر الحوادث التي أشار إليها . وقد قلنا - تعليقا على كلامه هذا : إذن ، كيف جاز للنبي ( ص ) أن يترك الأمة هكذا هملا ، ثم لا يضع حلا لأعظم مشكلة تواجهها ، وتسل عليها السيوف ، وتزهق لأجلها الأرواح . مع أن شريعته كاملة وشاملة . وقد بين فيها كل ما تحتاجه الأمة ، حتى أرش الخدش ؟ ! إن الحقيقة هي أنه ( ص ) قد بين ذلك ، وحدده . ولكن الآخرين لم يقبلوا منه ذلك ، وردوا أمر الله سبحانه ، فإنا لله ، وإنا إليه راجعون . .
( 3 ) محاضرات في التاريخ الإسلامي : ج 1 ص 167 . ( * )
- ص 134 -
ومن الواضح : أن معرفة هؤلاء الذين أبعدوا أهل البيت عن مقاماتهم ، وأزالوهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها وظهور أمرهم ووضوح مدى جرأتهم على الله سبحانه ، وعلى رسوله أمر ضروري ومطلوب لكل مسلم ، لأن ذلك يمس أخطر قضية في تاريخ الإسلام .
وبعبارة أوضح : إن لوازم الحدث هي التي ترتبط بالعقيدة ، وإن لم يكن ذات الحدث يرتبط بها ، فمثلا حينما نقرأ في القرآن عن زوجة لوط عليه السلام : أنها قد وشت بضيوف زوجها لقومها ، الذين يسعون إلى ارتكاب الفاحشة مع الرجال . قد نتعجب ، ونقول : هل يليق بالقرآن أن يؤرخ لقوم لوط في خصوص هذه الخصلة السيئة والدنيئة ؟ ! .
وهل يمكن لأحد أن يقول : إنني لا أهتم شخصيا بهذا الأمر التافه المذكور في القرآن ؟ ! أم أننا نفهم القضية بطريقة أخرى ، فنقول : لو كان الله سبحانه يريد أن " يؤرخ " لقوم لوط ، لكان أرخ لسائر الشعوب كالفينيقيين والكلدان والآشوريين ، والرومان ، والساسانيين ، وغيرهم ، ولكنا رأيناه يتحدث عن كثير من سياساتهم وشؤونهم وما مر بهم من أحداث كبيرة وخطيرة .
ولكن ذلك لم يكن ، فاقتصاره على خصوص هذا الأمر بالنسبة لخصوص قوم لوط يدلنا على أنه سبحانه وتعالى قد أراد لنا أن نستفيد من لوازم الحدث أمورا قد يكون لها مساس بالعقيدة ، أو بالشريعة ، أو بالمفاهيم الأخلاقية والحياتية في أكثر من مجال ؟ ! إننا لا شك سوف نتجه هذا الاتجاه الثاني ، ونبحث عن كل تلك اللوازم ، والحيثيات والمعاني التي أراد لنا القرآن أن نعيشها ، وأن
- ص 135 -
نلتفت إليها في ما حكاه لنا عن امرأة لوط وقومها ، لنستفيد منها المزيد من المعرفة والوعي ، والمزيد من الإيمان ، والمزيد من الطهر والصفاء .
ونجد في هذه القضية أكثر من معنى حياتي هام جدا . لا بد لنا من الإطلاع عليه ، وتثقيف أنفسنا به ، ويكفي أن نشير إلى ما تحمله هذه القصة - بعد الإلفات إلى بشاعة فعلهم ذاك - من تحد قوي ، من قتل المرأة ، والزوجة ، التي لم تكن تملك قدرات علمية ، وفكرية بمستوى ، تتحدى رجلا ، نبيا ، يملك كل القدرات والطاقات ، وخصوصا قدرة التحدي في مجال الإقناع ، وفي أمر يملك الدافع لمقاومته من خلال الدين ، والعقيدة والقداسة والأخلاق ، والعنفوان الإنساني ، حيث كان التحدي له في ضيوفه ( ع ) ، وفيما يمس الشرف ، والكرامة والدين ، والأخلاق ، والرسالة . . .
مواضيع مماثلة
» * الفصل الثاني : الزهراء عليها السلام والغيب *
» مأساة الزهراء عليها السلام
» قيمة الزهراء عليها السلام
» هل الزهراء عليها السلام أول مؤلفة في الإسلام
» لماذا ؟ ! كتاب مأساة الزهراء عليها السلام
» مأساة الزهراء عليها السلام
» قيمة الزهراء عليها السلام
» هل الزهراء عليها السلام أول مؤلفة في الإسلام
» لماذا ؟ ! كتاب مأساة الزهراء عليها السلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى