alzahra2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

النقاط المعادة

اذهب الى الأسفل

النقاط المعادة Empty النقاط المعادة

مُساهمة  جند المرجعية الثلاثاء يونيو 01, 2010 12:09 am

مأساة الزهراء عليها السلام ج 1 - العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي - ص 24



النقاط المعادة

ومن النقاط التي ذكرناها في مقال سابق ، ونشرناها ، نختار ما يلي :

1 - إن طرح الأحاديث المتشابهة ، أو التي يصعب فهمها على الناس ، ثم الإصرار على الاستمرار في هذا الطرح ، من دون تقديم التفسير المعقول والمقبول ، ليس بالأمر المرضي ، ولا هو محمود العواقب ، خصوصا إذا كان ذلك من قبل أناس يتوقع الناس منهم حل المشكلات ، وتوضيح المبهمات .

وعلى الأخص إذا كانت هذه الأحاديث ، أو القضايا المشكلة لا تطرح على أهل الاختصاص من أهل الفكر ، وإنما على الناس السذج والبسطاء ، بمن فيهم الصغير والكبير ، والمرأة والرجل ، والعالم والجاهل . وذلك عبر وسائل الإعلام العامة ، وفي الهواء الطلق .

2 - إن إثارة المسائل الحساسة ، وطرح التساؤلات على أولئك الذين لا يملكون من أسباب المعرفة ما يمكنهم من حل العقدة بصورة سليمة وقويمة . ومن دون تقديم إجابات كافية ، أو حتى من دون إجابات أصلا ، إن ذلك يفرض على العلماء المخلصين أن يبادروا إلى رفع النقيصة ، وسد الثغرات ، وتقديم الأجوبة الصحيحة ، بكل ما يتوافر لديهم من وسائل ، لئلا يقع الناس الأبرياء الغافلون في الخطأ الكبير والخطير .

مع الحرص الأكيد على الاقتصار على نقد الفكرة ، ودون أن تصدر أية إساءة ، أو تجريح شخصي ، أو انتقاص لأي كان من الناس .

- ص 25 -


وإنما مع حفظ الكرامة والسؤدد ، وبالأسلوب العلمي المهذب والرصين . مع التذكير والإلماح إلى أن تبعة إثارة هذا المواضيع تقع على عائق مثيرها الأول . لا على الذين تصدوا للتصحيح والتوضيح . وليس من الإنصاف أن تثار هذه الأمور في الهواء الطلق ، ثم يطلب من الآخرين أن يسكتوا عن التعرض لها ، إلا في الخفاء ، وبين جدران أربع ، وخلف أبواب مغلقة أو مفتوحة ، فإن طلبا كهذا لا بد أن يفهم على أنه أمر بالسكوت ، بصورة جبرية ، بل هو ابتزاز وحصر لحق الكلام بصاحب السيادة أو السماحة دون سواه .

3 - إنه لا مجاملة في قضايا الدين والعقيدة ، فلا يتوقعن ذلك أحد من أي كان من الناس ، حتى لو كان قريبا وحبيبا ، ومهما كان موقعه ودوره ، فإن الحق والدين فوق كل الاعتبارات .

4 - إن قضايا الدين والعقيدة ليست حكرا على فريق بعينه ، بل هي تعني كل الناس على اختلاف حالاتهم ومستوياتهم ، فمن حق كل أحد أن يظهر حساسية تجاه أي مقولة تمس هذه القضايا ، ولا بد أن يلاحق ذلك باهتمام بالغ ومسؤول ، ليحدد موقفه . ولكن ضمن حدود الاتزان ، وبالأسلوب العلمي الموضوعي والرصين والمسؤول .

ويتأكد هذا الأمر إذا عرفنا :
أ - إن قضايا العقيدة لا يجوز التقليد فيها ، بل لا بد لكل فرد من الناس أن يلتمس الدليل المقنع والمقبول . . فليست مسائل العقيدة على حد مسائل الفقه التي يرجع فيها الجاهل إلى العالم ليأخذ الفتوى . استنادا إلى الأدلة العامة على لزوم التقليد .

- ص 26 -


وليس من الجائز منع الناس من التعرض لمثل هذه القضايا ، ولا يصح أن يطلب منهم مجرد الأخذ الأعمى لها ، وتقليد الآباء والأجداد ، أو هذا العالم أو ذاك بها . كما لا يصح ، بل لا يجوز استغلال غفلتهم ، وطهرهم وعرض هذه القضايا لهم بصورة ناقصة ، وغير متوازنة ، فإن ذلك لا يتوافق مع الأمانة العلمية والشرعية التي لا بد من مراعاتها .

ب - إن تحسس الناس لقضايا الدين والعقيدة ، ومتابعتهم لها بحيوية وحماس لهو من علامات العافية ، ودلائل السلامة ، ومن المفترض تشجيعه وتنميته فضلا عن لزوم الحفاظ عليه .

ولا يصح مهاجمته ، ومواجهته بالاتهامات الكبيرة ، والخطيرة ، بهدف كبته والقضاء عليه ، بل اللازم هو تأكيده ، وتحصينه ، وتوجيهه بصورة قويمة وسليمة ، لتصبح تلك العقيدة أكثر رسوخا ، وأعمق تأثيرا في السلوك وفي الموقف ، لا سيما في مواجهة التحديات .

5 - إن العلوم الإسلامية كثيرة ، وفيها سعة وشمولية ظاهرة ، بالإضافة إلى أنها بالغة الدقة في كثير من تفاصيلها ، فلا غضاضة على العالم أن يتريث في الإجابة على كثير من الأسئلة التي توجه إليه في كافة العلوم ، إذ ليس بمقدوره الإجابة على جميع الأسئلة ، إلا أن يكون في مستوى الأنبياء والأئمة .

وقد قيل : رحم الله امرءا عرف حده فوقف عنده . فإذا كان المسئول لم ينجز بحث تلك المسائل وتحقيقها ، ودراستها بصورة دقيقة ووافية ، تمكنه بعد ذلك من أن يعرضها على الناس بدقة وشمولية فليس له أن يصدر فيها أحكاما قاطعة . ولا يجوز له أن يتصدى للإجابة عنها ، وإن كان لا بد من ذلك ، فعليه أن يلتزم

- ص 27 -


حدود العرض والبراءة من العهدة ، وتقديم العذر بعدم التوفر على دراستها وتمحيصها . ولا غضاضة عليه لو اكتفى بعرض ما توافق عليه أعاظم علماء المذهب وأساطينه ، من دون التفات إلى ما تفرد به هذا العالم أو ذاك ، حيث لا يمكن التزام الشاذ ، وترك المشهور والمنصور .

أما أن يثير كل ما يخطر على باله ، أو يجيب على كل سؤال بطريقة تشكيكية ، تحقق له الهروب ( 1 ) ، وتوحي للناس بأنه عالم بكل تفاصيل القضايا ، وبأنه يثير التساؤلات حولها من موقع الخبرة ، والمسؤولية ، والاطلاع الدقيق ، والفكر العميق ، مع أنه ربما لم يطلع على النص أصلا ، فضلا عن أن يكون قد درسه أو حقق فيه - إن هذا الأسلوب - غير مقبول ، وغير منطقي ولا معقول .

6 - إنه ليس من حق أحد أن يطلب من الناس أن يقتصروا في ما يثيرونه من قضايا على ما ورد عن النبي ( ص ) والأئمة ( ع ) بأسانيد صحيحة ، وفق المعايير الرجالية في توثيق رجال السند . . . لأن ذلك معناه أن يسكت الناس كلهم عن الحديث في جل القضايا والمسائل ، دينية كانت أو تاريخية أو غيرها .

بل إن هذا الذي يطلب ذلك من الناس ، لو أراد هو أن يقتصر في كلامه على خصوص القضايا التي وردت بأسانيد صحيحة عن المعصومين ، فسيجد نفسه مضطرا إلى السكوت ، والجلوس في بيته ، لأنه لن يجد إلا النزر اليسير الذي سيستنفده خلال أيام أو أقل من ذلك .

( 1 ) كقوله : إذا سئل عن أمر ورد في نص : هذا غير ثابت . أو صحة الرواية غير معلومة . أو يوجد أحاديث لم تثبت صحتها .

- ص 28 -


على أننا نقول ، وهو أيضا يقول : إن ثبوت القضايا لا يتوقف على توفر سند صحيح لها برواية عن المعصومين ، فثمة قرائن أخرى تقوي من درجة الاعتماد أحيانا ، ككون الرواية الضعيفة قد عمل بها المشهور ، واستندوا إليها مع وجود ذات السند الصحيح أمام أعينهم ، ثم لم يلتفتوا إليها وكذا لو كان النص يمثل إقرارا من فاسق بأمر يدينه أو يناقض توجهاته ، فإنه لا يصح أن يقال : إن هذا فاسق فلا يقبل قوله .

وعلى هذا ، فلا بد من ملاحظة القرائن المختلفة في قضايا الفقه ، والأصول ، والعقيدة والتاريخ وغيرها من قبل أهل الاختصاص ، حيث يستفيدون منها في تقوية الضعيف سندا ، أو تضعيف القوي ، بحسب الموارد وتوفر الشواهد .

7 - إنه ليس أسهل على الناس من أن يقف موقف المشكك والنافي للثبوت ، والمتملص من الالتزام بالقضايا ، والهروب من تحمل مسؤولياتها . وليس ذلك دليل علمية ولا يشير إلى عالمية في شئ . والعالم المتبحر ، والناقد ، والمحقق هو الذي يبذل جهده في تأصيل الأصول ، وتأكيد الحقائق . وإثبات الثابت منها ، وإبعاد المزيف .

8 - إن نسبة أي قول إلى فئة أو طائفة ، إنما تصح إذا كان ذلك القول هو ما ذهب إليه ، وصرح به رموزها الكبار ، وعلماؤها على مر الأعصار ، أو أكثرهم ، وعليه استقرت آراؤهم ، وعقدوا عليه قلوبهم . ويعلم ذلك بالمراجعة إلى مجاميعهم ، ومؤلفاتهم ، وكتب عقائدهم ، وتواريخهم .

أما لو كان ثمة شخص ، أو حتى أشخاص من طائفة ، قد شذوا في بعض آرائهم ، فلا يصح نسبة ما شذوا به إلى الطائفة بأسرها ، أو

- ص 29 -


إلى فقهائها ، وعلمائها . فكيف إذا كان هؤلاء الذين شذوا بأقوالهم من غير الطليعة المعترف بها في تحقيق مسائل المذهب .

وكذا الحال لو فهم بعض الناس قضية من القضايا بصورة خاطئة وغير واقعية ولا سليمة ، فلا يصح نسبة هذا الفهم إلى الآخرين بطريقة التعميم ، لكي تبدأ عملية التشنيع بالكلام الملمع والمزوق والمرصع والمنمق ، مع تضخيم له وتعظيم ، وتبجيل وتفخيم ، يؤدي إلى احتقار علماء المذهب وتسخيف عقولهم ، بلا مبرر أو سبب . ثم هو يقدم البديل الذي أعده ومهد له بالكلام المعسول مهما كان ذلك البديل ضعيفا وهزيلا .

9 - إن طرح القضايا التي يطلب فيها الوضوح ، على الناس العاديين بأساليب غائمة ، وإن كان ربما يسهل على من يفعل ذلك التخلص والتملص من تبعة طروحاته إلى حد ما . . ولكنه لا يعفيه من مسؤولية تلقي الناس العاديين للفكرة على أنها هي كل الحقيقة ، وهي الرأي الصواب الناشئ عن البحث والدراسة ، وما عداه خطأ .

نعم ، لا يعفيه من مسؤولية ذلك ، ما دام أن الكل يعلم : أن الناس يفهمون الأمور ببساطة ، فلا يلتفتون إلى كلمة : ربما ، لعل ، لنا أن نتصور ، يمكن أن نفهم ، نستوحي ، علينا أن ندرس ، وما إلى ذلك . . وبعد . . فإننا نحترم ونقدر جهور العاملين والمخلصين ، وندعو لهم بالتوفيق والتسديد ، ونشكر كل الأخوة العاملين المخلصين الذين بذلوا جهدا في سبيل إنجاح هذا الكتاب ، وأخص منهم بالذكر الأخ العلامة

- ص 30 -


الجليل الشيخ رضوان شرارة ، فشكر الله سعي الجميع ، وحفظهم ورعاهم .

ووفقنا وإياهم لسداد الرأي ، وخلوص العمل . وهو ولينا ، وهو الهادي إلى الرشاد والسداد .
جند المرجعية
جند المرجعية
Admin

عدد المساهمات : 294
تاريخ التسجيل : 30/05/2010

https://alzahra2.hooxs.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى