إشارة
صفحة 1 من اصل 1
إشارة
مأساة الزهراء عليها السلام ج 1 - العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي - ص 31
إشارة
هذا ونود أن نشير هنا إلى أننا حين تحدثنا عن كتاب " مؤتمر علماء بغداد " ، فإن محط نظرنا كان نفس الكتاب ، من حيث أنه تأليف من ؟ ! وفي أي زمان ألف ؟ ! مع إلماحة إلى بعض المطالب الواردة فيه .
واعتمدنا في ذلك على النسخ المطبوعة والمنتشرة ، ولعل أفضلها هي النسخة التي علق عليها الأخ العلامة الشيخ محمد جميل حمود ، وطبعت تعليقاته في هوامشها ، وهي - والحق يقال - تعليقات نافعة ومفيدة ، وقد أتعب نفسه في جمع مصادرها والإشارة إلى الشواهد الدالة على وجود كثير من مضامين ذلك الكتاب في غيره من الكتب المعتبرة ، فشكر الله سعيه ، وسدد الله خطاه .
التازع في جنس الملائكة
وقد يقال أو يشاع : أن موضوع الكتاب هو من الأمور الهامشية التي لا أهمية لها ، فلماذا نشتغل بها ؟ مع أن البعض مشغول فيما هو أهم ، ونفعه أعم . وهل هذا إذا من قبيل التنازع في جنس الملائكة ، في حين أن الآخرين قد وصلوا إلى المريخ ؟ ! أليس ذلك دليل ضيق الأفق ، والتحجر ، والتخلف الفكري ؟ !
- ص 32 -
ونقول : 1 - ليت شعري من الذي طرح هذا الأمر وسواه من أمور كثيرة ، ولم يزل يصر عليها في وسائل إعلامه ، ويصرف الجهد ويجند الطاقات المادية ، والبشرية ، والمعنوية للتأكيد عليها ، وتكريسها ؟ ! ! ثم هو لم يزل يتهجم على علماء الأمة ومراجعها ، ويوجه إليهم شتى أنواع التهم من أجل خصوص هذه الأمور .
وقد شغل الناس والعلماء بها طيلة هذه الأشهر والسنين العديدة والمديدة .
2 - إن النزاع مع هذا البعض ليس في جنس الملائكة ، ولا هو من قبيله ، وإنما هو في أمور حساسة وهامة ، وبعضها له مساس بالإمامة ، والعصمة ، وبمواصفات الأنبياء ( ع ) ، والأئمة ( ع ) وبدورهم ، وبغير ذلك من أمور دينية . . أما قضية الزهراء ( ع ) ، فإن هذا البعض ينكر حصول أي عنف ضدها وفي بيتها سوى التهديد الصوري بالإحراق .
وهذا على خلاف ما كان قد أعلنه في مدينة قم المشرفة ، في خطبة له في حسينية الشهيد الصدر ، حيث يقول فيها بالحرف الواحد : " . . . حفل التاريخ والحديث ، وتضافرت الروايات ، من أنها ضربت ، وأنها أسقطت جنينها . . وأنها . . وأنها . . " ( 1 ) .
( 1 ) هذا النص للمحاضرة نشر في مجلة : قضايا إسلامية ( قم ) العدد الأول : ص 13 ، وهو في محاضرة مسجلة بصوته على شريط كاسيت ، موجود لدى =>
- ص 33 -
ولكنه قد عاد إلى الإنكار من جديد . . وأعلن ذلك في مرات عديدة ، قائلا عبر إذاعة صوت الإيمان ، إنه لم يعتذر ولم يتراجع ، بل تكلم بما يوافق نظر الآخرين خوفا من الفتنة ، مع أنه عاد بعد هدوء هذه " الفتنة " إلى قم وخطب خطبته هذه ، والتي تضمنت ما عرفت !
=> الكثيرين ، وهذه الخطبة كان قد ألقاها في حسينية الشهيد الصدر في قم المقدسة بتاريخ 21 شعبان سنة 1414 أي حوالي سنة 1993 م . ولكن مجلة رؤى ومواقف في العدد رقم : 3 ص 22 ونشرة بينات : تاريخ 16 - 5 - 1997 م قد أعادت نشر هذه الخطبة بالذات ولكن مع تغييرين ، هما :
1 - جعل تاريخ المحاضرة هو سنة 1995 م بدلا من التاريخ الحقيقي خصوصا أنه لم يذهب إلى قم في تلك السنة .
2 - التغيير في العبارة والزيادة عليها بما يزيل التناقض في مواقف قائلها ، ويغطي على التراجع - الذي عاد ليتراجع عنه أيضا في هذه المدة المتأخرة ، فأصبحت العبارة هكذا : " حفل التاريخ بأحاديث تنوعت ( ! ! ) ، من أنها ضربت ، وأسقط جنينها ، وأنها ، وأنها . . لكنها لا تنفي الإساءة إلى حرمتها ، وحرمة بيت النبوة ، بالهجوم عليه ، والتهديد بإحراقه ، حتى ولو كانت فاطمة ( ع ) في داخله " فتبديل كلمة : " تضافرت " بكلمة : " تنوعت " واضح الهدف ، فإن التضافر يفيد : أن الروايات كلها منصبة على معنى واحد تثبته وتؤكده وهو الأمر الذي أردنا إثباته في كتاب " مأساة الزهراء ( ع ) ، أما كلمة : " تنوعت " فتفيد أن كل رواية تحكي أمرا يختلف عن غيره ، فليس فيها تأكيد على أمر واحد . . وقد جاءت الزيادة في العبارة لأجل تأكيد ذلك أيضا فلاحظ وقارن فهذا التصرف والتزوير يعطينا ويؤكد لنا عدم إمكان الاعتماد على ما ينقلونه لنا . وليس هذا هو الشاهد الوحيد على ذلك . فلدينا من أمثاله الكثير . . ) . ( * )
- ص 34 -
الأمر الذي اضطرنا بعد تردد طويل ، وبعد محاولات فتح حوار معه ، ثم محاولات لحصر الموضوع في نطاق خاص ، باءت كلها بالفشل - اضطرنا - إلى كتابة كتابنا : " مأساة الزهراء ( ع ) شبهات وردود " .
فواجه البعض هذا الكتاب بطريقة انفعالية ، وتحريضية . . ثم لم يزل ينفق الأموال ، ويشجع على نشر ردود فيها الكثير من الأباطيل والأضاليل ، ويعمل على تركيز مقولته تلك وترسيخها ، وإبطال الظلم الذي حاق بالزهراء ( ع ) ، وتبرئة الظالمين . وقد أثبتنا في كتاب " مأساة الزهراء " ( ع ) " أن هناك أزيد من هذا التهديد بالإضافة إلى أمور إيمانية أخرى تعرضنا لها إجمالا تارة وتفصيلا أخرى . كما يظهر لمن راجع الكتاب المذكور ، ونظر فيه بتجرد وإنصاف . لماذا تأخر الرد ؟ !
ومن المؤاخذات التي طولبنا بها قولهم : إذا كان ذلك البعض قد لهج بهذه الأمور ، وسجلها في مؤلفاته منذ سنوات طويلة ، فلماذا تأخرت الاعتراضات إلى هذه المدة الأخيرة . .
ونجيب :
1 - إن كتابات ذلك البعض لم تكن موضع اهتمام العلماء في بحوثهم وتحقيقاتهم ، لأنهم يعتبرونها مجرد كتب مطالعة لجيل
- ص 35 -
الشباب . وليست متداولة فيما بين العلماء والمحققين والباحثين ، بل كان المهتمون بكتبه هم - في الأكثر - فريق خاص ، تربطهم به علاقات خاصة ، وحالة معينة .
2 - أما بالنسبة لقضية الزهراء ( ع ) فقد بدأت الاعتراضات على مقولاته فيها وفي غيرها قبل سنوات ، فقد قامت ضجة حولها في سنة 1993 وتراجع البعض عن مقولاته ، وتراجعه هذا مسجل ومكتوب ، ثم عاد في الآونة الأخيرة لينقض ذلك التراجع ، تحت شعار الانحناء أمام العاصفة ، وأما بالنسبة لسائر أطروحاته فقد كان هناك قدر كبير من حسن الظن ، وأخذ الأمور على طبيعتها ، ومن موقع الثقة ، حيث لم يكن ثمة مبرر لتوهم اشتمال تلك المؤلفات على ما يتعارض مع موجبات حسن الظن هذا . . مع ملاحظة : أن أكثر تلك المؤلفات قد وضعت وكتبت في ظروف الحرب ، التي تفرض سلبياتها في المجالات المختلفة ، ومنها مجال تداول المؤلفات من قبل أهل الاختصاص والعلماء والشباب المؤمن والواعي للتدقيق فيها ومحاكمتها .
وهذه الظروف بالذات وغيرها قد أبعدت مؤلف هذه الكتب عن الاحتكاك المباشر بأفذاذ العلماء ، وكبار المحققين في الحوزات العلمية ، إلا في زيارات رسمية خاطفة ، لا تسمح باستشراف عمق أفكاره ، والوقوف على حقيقة قناعاته . . حتى لو
- ص 36 -
طرحت للتداول ، فإن ذلك لا يستبطن - بالضرورة - معرفتهم بأن تلك هي قناعاته الأخيرة . لا سيما وأنه إنما يطرح تلك الأفكار تحت شعار تحريك الجو العلمي ، الذي لا يحتاج إلى أكثر من إفتراض فكرة ، ولو كانت واضحة الفساد .
من هو المظلوم ؟ وهل هذا تشهير ؟ ومن الأمور التي سمعناها قولهم : بأننا قد شهرنا بالبعض وظلمناه ، حين نشرنا كتابا يحاكم آراءه وأقاويله ويفندها .
ونقول :
1 - إننا لم نكن نرغب في الحديث هنا عن ظالم ومظلوم ، لأن القضية ليست قضية شخصية أساسا . وحين تصبح شخصية فلن يكون لطرحها ، وتداول الحديث عنها ، وفيها ، بهذه الطريقة مجال ولا مبرر .
وكان ينبغي أن يتمحض الحديث عن الحقيقة المظلومة ، التي يراد تغييبها عن الناس ، الذين لهم كل الحق في اكتشافها وامتلاكها ، والإحاطة بها والتعرف على دقائقها .
- ص 37 -
كما أننا لا نرغب في الحديث عن ظلم يمارس تحت شعار العدل ! ! ولا عن ظلم يقال للناس عنه : إنه صفح وعفو عن الضحية كما نسمعه من البعض ، مرة بعد أخرى . . ! !
أما إذا كان ثمة حديث عن ظالم ينتحل صورة الورع التقي ، الذي يمارس جريمته من موقع الرحمة والإحسان ، ليكون بذلك إنسانا إلهيا ، لا يفكر بالقضايا الصغيرة والهامشية ، فلسنا نتصور أن يحدث أمر كهذا إلا في نطاق ثورة تجديدية للقيم والمفاهيم ، وهي التي يرى بعض رواد الحداثة : أنها أصبحت من التراث الدارس في الماضي البعيد والسحيق .
ومهما يكن من أمر : فإن المطلوب هو أن لا يكون ثمة ظلم للحقيقة ، ولا للقيم ، ولا للمثل العليا . . فإن ذلك يكون أفحش من كل ظلم يمكن الحديث عنه .
2 - وحيث أصبح لا بد من الإشارة - رغما عنا - إلى ما طلب منا الإشارة إليه ، فإننا نقول : إننا نستغرب أن يصبح الظالم مظلوما ، والمظلوم ظالما إلى درجة أن يعترض هؤلاء على نشر كتاب يفند مقولات البعض ، ولا يعترضون عليه هو من أجل طرح مقولاته تلك وإشاعتها ، رغم دعوتنا له لمناقشة هذه الأمور أمام العلماء وأهل الفكر قبل طرحها على الناس العاديين ، فأجابنا في نشرة بينات بتاريخ 25 - 10 - 1996 م فقال :
- ص 38 -
" . . أنا لا أؤمن بأن الناس عوام يجب أن نبقيهم على جهلهم . . . إلى أن قال : إني أرى أن من الخطأ إثارة القضايا في المجالس الخاصة وحسب ، بل لا بد من أن نثيرها في المجالس العامة " . فنحن مع هذا البعض كما قال الشاعر :
يظلمني ثم أسمى ظالما * يشتمني ثم أسمى شاتما .
3 - وأما التشهير - لو صح - فمن الواضح : إن ذلك البعض هو الذي شهر بنفسه بمبادرته إلى التشكيك من على المنابر ، وعبر أثير الإذاعات ، والكتب والصحف ، والمجلات ، وغيرها . . . في أمور لا تقبل التشكيك ، لوضوحها ، ولقيام الأدلة القاطعة عليها ، ولا ننسى أن التصريح باسمه إنما جاء من قبل من تصدوا من قبله هو للدفاع عنه . كما أنه هو الذي لم يزل يعمل على نشر هذه الأقاويل وإشاعتها ، كما هو واضح للعيان .
إشارة
هذا ونود أن نشير هنا إلى أننا حين تحدثنا عن كتاب " مؤتمر علماء بغداد " ، فإن محط نظرنا كان نفس الكتاب ، من حيث أنه تأليف من ؟ ! وفي أي زمان ألف ؟ ! مع إلماحة إلى بعض المطالب الواردة فيه .
واعتمدنا في ذلك على النسخ المطبوعة والمنتشرة ، ولعل أفضلها هي النسخة التي علق عليها الأخ العلامة الشيخ محمد جميل حمود ، وطبعت تعليقاته في هوامشها ، وهي - والحق يقال - تعليقات نافعة ومفيدة ، وقد أتعب نفسه في جمع مصادرها والإشارة إلى الشواهد الدالة على وجود كثير من مضامين ذلك الكتاب في غيره من الكتب المعتبرة ، فشكر الله سعيه ، وسدد الله خطاه .
التازع في جنس الملائكة
وقد يقال أو يشاع : أن موضوع الكتاب هو من الأمور الهامشية التي لا أهمية لها ، فلماذا نشتغل بها ؟ مع أن البعض مشغول فيما هو أهم ، ونفعه أعم . وهل هذا إذا من قبيل التنازع في جنس الملائكة ، في حين أن الآخرين قد وصلوا إلى المريخ ؟ ! أليس ذلك دليل ضيق الأفق ، والتحجر ، والتخلف الفكري ؟ !
- ص 32 -
ونقول : 1 - ليت شعري من الذي طرح هذا الأمر وسواه من أمور كثيرة ، ولم يزل يصر عليها في وسائل إعلامه ، ويصرف الجهد ويجند الطاقات المادية ، والبشرية ، والمعنوية للتأكيد عليها ، وتكريسها ؟ ! ! ثم هو لم يزل يتهجم على علماء الأمة ومراجعها ، ويوجه إليهم شتى أنواع التهم من أجل خصوص هذه الأمور .
وقد شغل الناس والعلماء بها طيلة هذه الأشهر والسنين العديدة والمديدة .
2 - إن النزاع مع هذا البعض ليس في جنس الملائكة ، ولا هو من قبيله ، وإنما هو في أمور حساسة وهامة ، وبعضها له مساس بالإمامة ، والعصمة ، وبمواصفات الأنبياء ( ع ) ، والأئمة ( ع ) وبدورهم ، وبغير ذلك من أمور دينية . . أما قضية الزهراء ( ع ) ، فإن هذا البعض ينكر حصول أي عنف ضدها وفي بيتها سوى التهديد الصوري بالإحراق .
وهذا على خلاف ما كان قد أعلنه في مدينة قم المشرفة ، في خطبة له في حسينية الشهيد الصدر ، حيث يقول فيها بالحرف الواحد : " . . . حفل التاريخ والحديث ، وتضافرت الروايات ، من أنها ضربت ، وأنها أسقطت جنينها . . وأنها . . وأنها . . " ( 1 ) .
( 1 ) هذا النص للمحاضرة نشر في مجلة : قضايا إسلامية ( قم ) العدد الأول : ص 13 ، وهو في محاضرة مسجلة بصوته على شريط كاسيت ، موجود لدى =>
- ص 33 -
ولكنه قد عاد إلى الإنكار من جديد . . وأعلن ذلك في مرات عديدة ، قائلا عبر إذاعة صوت الإيمان ، إنه لم يعتذر ولم يتراجع ، بل تكلم بما يوافق نظر الآخرين خوفا من الفتنة ، مع أنه عاد بعد هدوء هذه " الفتنة " إلى قم وخطب خطبته هذه ، والتي تضمنت ما عرفت !
=> الكثيرين ، وهذه الخطبة كان قد ألقاها في حسينية الشهيد الصدر في قم المقدسة بتاريخ 21 شعبان سنة 1414 أي حوالي سنة 1993 م . ولكن مجلة رؤى ومواقف في العدد رقم : 3 ص 22 ونشرة بينات : تاريخ 16 - 5 - 1997 م قد أعادت نشر هذه الخطبة بالذات ولكن مع تغييرين ، هما :
1 - جعل تاريخ المحاضرة هو سنة 1995 م بدلا من التاريخ الحقيقي خصوصا أنه لم يذهب إلى قم في تلك السنة .
2 - التغيير في العبارة والزيادة عليها بما يزيل التناقض في مواقف قائلها ، ويغطي على التراجع - الذي عاد ليتراجع عنه أيضا في هذه المدة المتأخرة ، فأصبحت العبارة هكذا : " حفل التاريخ بأحاديث تنوعت ( ! ! ) ، من أنها ضربت ، وأسقط جنينها ، وأنها ، وأنها . . لكنها لا تنفي الإساءة إلى حرمتها ، وحرمة بيت النبوة ، بالهجوم عليه ، والتهديد بإحراقه ، حتى ولو كانت فاطمة ( ع ) في داخله " فتبديل كلمة : " تضافرت " بكلمة : " تنوعت " واضح الهدف ، فإن التضافر يفيد : أن الروايات كلها منصبة على معنى واحد تثبته وتؤكده وهو الأمر الذي أردنا إثباته في كتاب " مأساة الزهراء ( ع ) ، أما كلمة : " تنوعت " فتفيد أن كل رواية تحكي أمرا يختلف عن غيره ، فليس فيها تأكيد على أمر واحد . . وقد جاءت الزيادة في العبارة لأجل تأكيد ذلك أيضا فلاحظ وقارن فهذا التصرف والتزوير يعطينا ويؤكد لنا عدم إمكان الاعتماد على ما ينقلونه لنا . وليس هذا هو الشاهد الوحيد على ذلك . فلدينا من أمثاله الكثير . . ) . ( * )
- ص 34 -
الأمر الذي اضطرنا بعد تردد طويل ، وبعد محاولات فتح حوار معه ، ثم محاولات لحصر الموضوع في نطاق خاص ، باءت كلها بالفشل - اضطرنا - إلى كتابة كتابنا : " مأساة الزهراء ( ع ) شبهات وردود " .
فواجه البعض هذا الكتاب بطريقة انفعالية ، وتحريضية . . ثم لم يزل ينفق الأموال ، ويشجع على نشر ردود فيها الكثير من الأباطيل والأضاليل ، ويعمل على تركيز مقولته تلك وترسيخها ، وإبطال الظلم الذي حاق بالزهراء ( ع ) ، وتبرئة الظالمين . وقد أثبتنا في كتاب " مأساة الزهراء " ( ع ) " أن هناك أزيد من هذا التهديد بالإضافة إلى أمور إيمانية أخرى تعرضنا لها إجمالا تارة وتفصيلا أخرى . كما يظهر لمن راجع الكتاب المذكور ، ونظر فيه بتجرد وإنصاف . لماذا تأخر الرد ؟ !
ومن المؤاخذات التي طولبنا بها قولهم : إذا كان ذلك البعض قد لهج بهذه الأمور ، وسجلها في مؤلفاته منذ سنوات طويلة ، فلماذا تأخرت الاعتراضات إلى هذه المدة الأخيرة . .
ونجيب :
1 - إن كتابات ذلك البعض لم تكن موضع اهتمام العلماء في بحوثهم وتحقيقاتهم ، لأنهم يعتبرونها مجرد كتب مطالعة لجيل
- ص 35 -
الشباب . وليست متداولة فيما بين العلماء والمحققين والباحثين ، بل كان المهتمون بكتبه هم - في الأكثر - فريق خاص ، تربطهم به علاقات خاصة ، وحالة معينة .
2 - أما بالنسبة لقضية الزهراء ( ع ) فقد بدأت الاعتراضات على مقولاته فيها وفي غيرها قبل سنوات ، فقد قامت ضجة حولها في سنة 1993 وتراجع البعض عن مقولاته ، وتراجعه هذا مسجل ومكتوب ، ثم عاد في الآونة الأخيرة لينقض ذلك التراجع ، تحت شعار الانحناء أمام العاصفة ، وأما بالنسبة لسائر أطروحاته فقد كان هناك قدر كبير من حسن الظن ، وأخذ الأمور على طبيعتها ، ومن موقع الثقة ، حيث لم يكن ثمة مبرر لتوهم اشتمال تلك المؤلفات على ما يتعارض مع موجبات حسن الظن هذا . . مع ملاحظة : أن أكثر تلك المؤلفات قد وضعت وكتبت في ظروف الحرب ، التي تفرض سلبياتها في المجالات المختلفة ، ومنها مجال تداول المؤلفات من قبل أهل الاختصاص والعلماء والشباب المؤمن والواعي للتدقيق فيها ومحاكمتها .
وهذه الظروف بالذات وغيرها قد أبعدت مؤلف هذه الكتب عن الاحتكاك المباشر بأفذاذ العلماء ، وكبار المحققين في الحوزات العلمية ، إلا في زيارات رسمية خاطفة ، لا تسمح باستشراف عمق أفكاره ، والوقوف على حقيقة قناعاته . . حتى لو
- ص 36 -
طرحت للتداول ، فإن ذلك لا يستبطن - بالضرورة - معرفتهم بأن تلك هي قناعاته الأخيرة . لا سيما وأنه إنما يطرح تلك الأفكار تحت شعار تحريك الجو العلمي ، الذي لا يحتاج إلى أكثر من إفتراض فكرة ، ولو كانت واضحة الفساد .
من هو المظلوم ؟ وهل هذا تشهير ؟ ومن الأمور التي سمعناها قولهم : بأننا قد شهرنا بالبعض وظلمناه ، حين نشرنا كتابا يحاكم آراءه وأقاويله ويفندها .
ونقول :
1 - إننا لم نكن نرغب في الحديث هنا عن ظالم ومظلوم ، لأن القضية ليست قضية شخصية أساسا . وحين تصبح شخصية فلن يكون لطرحها ، وتداول الحديث عنها ، وفيها ، بهذه الطريقة مجال ولا مبرر .
وكان ينبغي أن يتمحض الحديث عن الحقيقة المظلومة ، التي يراد تغييبها عن الناس ، الذين لهم كل الحق في اكتشافها وامتلاكها ، والإحاطة بها والتعرف على دقائقها .
- ص 37 -
كما أننا لا نرغب في الحديث عن ظلم يمارس تحت شعار العدل ! ! ولا عن ظلم يقال للناس عنه : إنه صفح وعفو عن الضحية كما نسمعه من البعض ، مرة بعد أخرى . . ! !
أما إذا كان ثمة حديث عن ظالم ينتحل صورة الورع التقي ، الذي يمارس جريمته من موقع الرحمة والإحسان ، ليكون بذلك إنسانا إلهيا ، لا يفكر بالقضايا الصغيرة والهامشية ، فلسنا نتصور أن يحدث أمر كهذا إلا في نطاق ثورة تجديدية للقيم والمفاهيم ، وهي التي يرى بعض رواد الحداثة : أنها أصبحت من التراث الدارس في الماضي البعيد والسحيق .
ومهما يكن من أمر : فإن المطلوب هو أن لا يكون ثمة ظلم للحقيقة ، ولا للقيم ، ولا للمثل العليا . . فإن ذلك يكون أفحش من كل ظلم يمكن الحديث عنه .
2 - وحيث أصبح لا بد من الإشارة - رغما عنا - إلى ما طلب منا الإشارة إليه ، فإننا نقول : إننا نستغرب أن يصبح الظالم مظلوما ، والمظلوم ظالما إلى درجة أن يعترض هؤلاء على نشر كتاب يفند مقولات البعض ، ولا يعترضون عليه هو من أجل طرح مقولاته تلك وإشاعتها ، رغم دعوتنا له لمناقشة هذه الأمور أمام العلماء وأهل الفكر قبل طرحها على الناس العاديين ، فأجابنا في نشرة بينات بتاريخ 25 - 10 - 1996 م فقال :
- ص 38 -
" . . أنا لا أؤمن بأن الناس عوام يجب أن نبقيهم على جهلهم . . . إلى أن قال : إني أرى أن من الخطأ إثارة القضايا في المجالس الخاصة وحسب ، بل لا بد من أن نثيرها في المجالس العامة " . فنحن مع هذا البعض كما قال الشاعر :
يظلمني ثم أسمى ظالما * يشتمني ثم أسمى شاتما .
3 - وأما التشهير - لو صح - فمن الواضح : إن ذلك البعض هو الذي شهر بنفسه بمبادرته إلى التشكيك من على المنابر ، وعبر أثير الإذاعات ، والكتب والصحف ، والمجلات ، وغيرها . . . في أمور لا تقبل التشكيك ، لوضوحها ، ولقيام الأدلة القاطعة عليها ، ولا ننسى أن التصريح باسمه إنما جاء من قبل من تصدوا من قبله هو للدفاع عنه . كما أنه هو الذي لم يزل يعمل على نشر هذه الأقاويل وإشاعتها ، كما هو واضح للعيان .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى