الفصل الثالث الإمامة - عقديتنا في الإمامة - عقيدتنا في عصمة الإمام - عقديتنا في طاعة الأئمة
صفحة 1 من اصل 1
الفصل الثالث الإمامة - عقديتنا في الإمامة - عقيدتنا في عصمة الإمام - عقديتنا في طاعة الأئمة
- عقائد الامامية - الشيخ محمد رضا المظفر ص 65 :
الفصل الثالث الإمامة
23 - عقديتنا في الإمامة
نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها ، ولا يجوز فيها تقليد الآباء والأهل والمربين مهما عظموا وكبروا ، بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوة .
وعلى الأقل أن الاعتقاد بفراغ ذمة المكلف من التكاليف الشرعية المفروضة عليه يتوقف على الاعتقاد بها إيجابا أو سلبا ، فإذا لم تكن أصلا من الأصول لا يجوز فيها التقليد لكونها أصلا فإنه يجب الاعتقاد بها من هذه الجهة أي من جهة أن فراغ
ذمة المكلف من التكاليف المفروضة عليه قطعا من الله تعالى واجب عقلا ، وليست كلها معلومة من طريقة قطعية ، فلا بد من الرجوع فيها إلى من نقطع بفراغ الذمة باتباعه ، أما الإمام على طريقة الإمامية أو غير على طريقة غيرهم .
كما نعتقد أنها كالنبوة لطف من الله تعالى ، فلا بد أن يكون في كل عصر إمام هاد يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر وإرشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين ، وله ما للنبي من الولاية العامة على الناس لتدبير شؤونهم ومصالحهم وإقامة العدل بينهم ورفع
- ص 66 -
الظلم والعدوان من بينهم . وعلى هذا ، فالإمامة استمرار للنبوة . والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه يوجب أيضا نصب الإمام بعد الرسول .
فلذلك نقول : إن الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله . وليست هي بالاختيار والانتخاب من الناس ، فليس لهم إذا شاءوا أن ينصبوا أحدا نصبوه ، وإذا شاءوا أن يعينوا إماما لهم عينوه ، ومتى شاءوا أن يتركوا تعيينه تركوه ، ليصح لهم البقاء بلا إمام ، بل ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) على ما ثبت ذلك عن الرسول الأعظم بالحديث المستفيض .
وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى ، سواء أبي البشر أم لم يأبوا ، وسواء ناصروه أم لم يناصروه ، أطاعوه أم لم يطيعوه ، وسواء كان حاضرا أم غائبا عن أعين الناس ، إذ كما يصح أن يغيب النبي كغيبته في الغار والشعب صح أن يغيب الإمام ، ولا فرق في حكم العقل بين طول الغيبة وقصرها .
قال الله تعالى : ( ولكل قوم هاد ) الرعد : 8 ، وقال : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) فاطر : 22 .
- ص 67 -
24 - عقيدتنا في عصمة الإمام
ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن ، من سن الطفولة إلى الموت ، عمدا وسهوا .
كما يجب أن يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان ، لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي ، والدليل الذي اقتضانا أن نعقتد بعصمة الأنبياء هو نفسه يقتضينا أن نعتقد بعصمة الأئمة ، بلا فرق . ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد
25 - عقيدتنا في صفات الإمام وعلمه
ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال من شجاعة وكرم وعفة وصدق وعدل ، ومن تدبير وعقل وحكمة وخلق . والدليل في النبي هو نفسه الدليل في الإمام . . . أما علمه فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله .
وإذا استجد شئ لا بد أن يعلمه من طريق الالهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه ، فإن توجه إلى شئ وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي ، لا يخطأ فيه ولا يشتبه
- ص 68 -
ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية ولا إلى تلقينات المعلمين ، وإن كان علمه قابلا للزيادة والاشتداد ، ولذا قال صلى الله عليه وآله في دعائه : ( رب زدني علما ) .
( أقول ) : لقد ثبت في الأبحاث النفسية إن كل إنسان له ساعة أو ساعات في حياته قد يعلم فيها ببعض الأشياء من طريق الحدس الذي هو فرع من الالهام ، بسبب ما أودع الله تعالى فيه من قوة على ذلك .
وهذه القوة تختلف شدة وضعفا وزيادة ونقيصة في البشر باختلاف أفرادهم . فيطفر ذهن الانسان في تلك الساعة إلى المعرفة من دون أن يحتاج إلى التفكير وترتيب المقدمات والبراهين أو تلقين المعلمين .
ويجد كل إنسان من نفسه ذلك في فرص كثيرة في حياته ، وإذا كان الأمر كذلك فيجوز أن يبلغ الانسان من قوته الإلهامية أعلى الدرجات وأكملها ، وهذا أمر قرره الفلاسفة المتقدمون والمتأخرون .
فلذلك ، نقول - وهو ممكن في حد ذاته - أن قوة الالهام عند الإمام التي تسمى بالقوة القدسية تبلغ الكمال في أعلى درجاته ، فيكون في صفاء نفسه القدسية على استعداد لتلقي المعلومات في كل وقت وفي كل حالة ، فمتى توجه إلى شئ من الأشياء وأراد معرفته استطاع علمه بتلك القوة القدسية الإلهامية بلا توقف ولا ترتيب مقدمات ولا تلقين معلم .
وتنجلي في نفسه المعلومات كما تنجلي المرئيات في المرآة الصافية لا غطش فيها ولا إبهام . ويبدو واضحا هذا الأمر في تاريخ الأئمة عليهم السلام كالنبي محمد صلى الله عليه وآله ، فإنهم لم يتربوا على أحد ، ولم يتعلموا على
- ص 69 -
يد معلم ، من مبدأ طفولتهم إلى سن الرشد ، حتى القراءة والكتابة ، ولم يثبت عن أحدهم أنه دخل الكتاتيب أو تلمذ على يد أستاذ في شئ من الأشياء ، مع ما لهم من منزلة علمية لا تجاري .
وما سئلوا عن شئ إلا أجابوا عليه في وقته ، ولم تمر على ألسنتهم كلمة ( لا أدري ) ، ولا تأجيل الجواب إلى المراجعة أو التأمل أو نحو ذلك .
في حين أنك لا تجد شخصا مترجما له من فقهاء الإسلام ورواته وعلمائه إلا ذكرت في ترجمته تربيته وتلمذته على غيره وأخذه الرواية أو العلم على المعروفين وتوقفه في بعض المسائل أو شكه في كثير من المعلومات ، كعادة البشر في كل عصر ومصر .
26 - عقديتنا في طاعة الأئمة
ونعتقد أن الأئمة هم أولو الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم ، وأنهم الشهداء على الناس ، وأنهم أبواب الله والسبل إليه والأدلاء عليه ، وأنهم عيبة علمه وتراجمة وحيه وأركان توحيده وخزان معرفته ، ولذا كانوا أمانا لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ( على حد تعبيره صلى الله عليه وآله ) .
وكذلك - على حد قوله أيضا - ( أن مثلهم في هذه الأمة كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى ) وأنهم حسبما جاء في الكتاب المجيد ( عباد الله المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) وأنهم الذين أذهب الله
- ص 70 -
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . بل نعتقد أن أمرهم أمر الله تعالى ، ونهيهم نهيه ، وطاعتهم طاعته ، ومعصيتهم معصيته ، ووليهم وليه ، وعدوهم عدوه ، ولا يجوز الرد عليهم ، والراد عليهم كالراد على الرسول والراد على الرسول كالراد على الله تعالى . فيجب التسليم لهم والانقياد لأمرهم والأخذ بقولهم .
ولهذا نعتقد أن الأحكام الشرعية الإلهية لا تستقى إلا من نمير مائهم ولا يصح أخذها إلا منهم ، ولا تفرغ ذمة المكلف بالرجوع إلى غيرهم ، ولا يطمئن بينه وبين الله إلى أنه قد أدى ما عليه من التكاليف المفروضة إلا من طريقهم . أنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق في هذا البحر المائج الزاخر بأمواج الشبه والضلالات ، والإدعاءات والمنازعات .
ولا يهمنا من بحث الإمامة في هذه العصور إثبات أنهم هم الخلفاء الشرعيون وأهل السلطة الإلهية ، فإن ذلك أمر مضى في ذمة التاريخ ، وليس في إثباته ما يعيد دورة الزمن من جديد أو يعيد الحقوق المسلوبة إلى أهلها .
وإنما الذي يهمنا منه ما ذكرنا من لزوم الرجوع إليهم في الأخذ بأحكام الله الشرعية ، وتحصيل ما جاء به الرسول الأكرم على الوجه الصحيح الذي جاء به .
وأن في أخذ الأحكام من الرواة والمجتهدين الذين لا يستقون من نمير مائهم ولا يستضيئون بنورهم ابتعادا عن محجة الصواب في الدين ، ولا يطمئن المكلف من فراغ ذمته من التكاليف المفروضة عليه من الله تعالى ، لأنه مع فرض وجود الاختلاف
- ص 71 -
في الآراء بين الطوائف والنحل فيما يتعلق بالأحكام الشرعية إختلافا لا يرجى معه التوفيق ، لا يبقى للمكلف مجال أن يتخير ويرجع إلى أي مذهب شاء ورأى اختار ، بل لا بد له أن يفحص ويبحث حتى تحصل له الحجة القاطعة بينه وبين الله تعالى
على تعيين مذهب خاص يتيقن أنه يتوصل به إلى أحكام الله وتفرغ به ذمته من التكاليف المفروضة ، فإنه كما يقطع بوجود أحكام مفروضة عليه يجب أن يقطع بفراغ ذمته منها ، فإن الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني .
والدليل القطعي دال على وجوب الرجوع إلى آل البيت وأنهم المرجع الأصلي بعد النبي لأحكام الله المنزلة . وعلى الأقل قوله عليه أفضل التحيات ( إني قد تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا : الثقلين ، وأحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي . ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) .
وهذا الحديث اتفقت الرواية عليه من طرق أهل السنة والشيعة . فدقق النظر في هذا الحديث الجليل تجد ما يقنعك ويدهشك في مبناه ومعناه ، فما أبعد المرمى في قوله : ( إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ) والذي تركه فينا هما الثقلان معا إذ جعلهما
كأمر واحد ولم يكتف بالتمسك بواحد منهما فقط ، فبهما معا لن نضل بعده أبدا . وما أوضح المعنى في قوله : ( لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) فلا يجد الهداية أبدا من فرق بينهما ولم يتمسك بهما معا .
فلذلك كانوا ( سفينة النجاة ) و ( أمانا لأهل الأرض ) ومن تخلف عنهم غرق في
- ص 72 -
لجج الضلال ولم يأمن من الهلاك . وتفسير ذلك بحبهم فقط من دون الأخذ بأقوالهم واتباع طريقهم هروب من الحق لا يلجئ إليه إلا التعصب والغفلة عن المنهج الصحيح في تفسير الكلام العربي المبين .
27 - عقديتنا في حب آل البيت
قال الله تعالى ( الشورى : 23 ) : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) . نعتقد أنه زيادة على وجوب التمسك بآل البيت ، يجب على كل مسلم أن يدين بحبهم ومودتهم ، لأنه تعالى في هذه الآية المذكورة حصر المسئول عليه الناس في المودة في القربى .
وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله أن حبهم علامة الإيمان ، وأن بغضهم علامة النفاق ، وأن من أحبهم أحب الله ورسوله ، ومن أبغضهم أبغض الله ورسوله . بل حبهم فرض من ضروريات الدين الاسلامي التي لا تقبل الجدل والشك .
وقد اتفق عليه جميع المسلمين على اختلاف نحلهم وآرائهم ، عدا فئة قليلة اعتبروا من أعداء آل محمد ، فنبزوا باسم
( النواصب ) أي من نصبوا العداوة لآل بيت محمد . وبهذا يعدون من المنكرين لضرورة إسلامية ثابتة بالقطع .
والمنكر للضرورة الإسلامية كوجوب الصلاة والزكاة يعد في حكم المنكر لأصل الرسالة ، بل هو على التحقيق
- ص 73 -
منكر للرسالة ، وإن أقر في ظاهر الحال بالشهادتين ، ولأجل هذا كان بغض آل محمد من علامات النفاق وحبهم من علامات الإيمان . ولأجله أيضا كان بغضهم بغضا لله ولرسوله .
ولا شك أنه تعالى لم يفرض حبهم ومودتهم إلا لأنهم أهل للحب والولاء ، من ناحية قربهم إليه سبحانه ، ومنزلتهم عنده ، وطهارتهم من الشرك والمعاصي ومن كل ما يبعد عن دار كرامته وساحة رضاه .
ولا يمكن أن تتصور أنه تعالى يفرض حب من يرتكب المعاصي أو لا يطيعه حق طاعته ، فإنه ليس له قرابة مع أحد أو صداقة وليس عنده الناس بالنسبة إليه إلا عبيدا مخلوقين على حد سواء ، وإنما أكرمهم عند الله أتقاهم .
فمن أوجب حبه على الناس كلهم لا بد أن يكون أتقاهم وأفضلهم جميعا ، وإلا كان غيره أولى بذلك الحب ، أو كان الله يفضل بعضا على بعض في وجوب الحب والولاية عبثا أو لهوا بلا جهة استحقاق وكرامة .
28 - عقيدتنا في الأئمة
لا نعتقد في أئمتنا ما يعتقده الغلاة والحلوليون ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم ) . بل عقديتنا الخاصة أنهم بشر مثلنا ، لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالى بكرامته
- ص 74 -
وحباهم بولايته ، إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به .
وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ومرجعا بعد النبي في كل ما يعود للناس من أحكام وحكم ، وما يرجع للدين من بيان وتشريع ، وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل .
قال إمامنا الصادق عليه السلام : ( ما جاءكم عنا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا ، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن يكون في المخلوقين فأجحدوه ولا تردوه إلينا " .
29 - عقيدتنا في أن الإمامة بالنص
نعتقد أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان رسوله أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام من بعده ، وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق ، فليس للناس أن يتحكموا فيمن يعينه الله هاديا ومرشدا لعامة البشر
، كما ليس لهم حق تعيينه أو ترشيحه أو انتخابه ، لأن الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمل أعباء الإمامة العامة وهداية البشر قاطبة يجب ألا يعرف إلا بتعريف الله ولا يعين إلا بتعيينه .
- ص 75 -
ونعتقد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص على خليفته والإمام في البرية من بعده ، فعين ابن عمه علي بن أبي طالب أميرا للمؤمنين وأمينا للوحي وإماما للخلق في عدة مواطن ، ونصبه وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم الغدير فقال : ( ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه كيفما دار ) .
ومن أول مواطن النص على إمامته قوله حينما دعا أقرباءه الأدنين وعشيرته الأقربين فقال : ( هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا ) وهو يومئذ صبي لم يبلغ الحلم .
وكرر قوله له في عدة مرات : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) إلى غير ذلك من روايات وآيات كريمة دلت على ثبوت الولاية العامة له كآية ( المائدة : 60 ) : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يؤتون الزكاة وهم راكعون ) ، وقد نزلت فيه عندما تصدق بالخاتم وهو راكع ولا يساعد وضع هذه الرسالة على استقصاء كل ما ورد في إمامته من الآيات والروايات ولا بيان وجه دلالتها ( 1 ) .
ثم إنه عليه السلام نص على إمامة الحسن والحسين ، والحسين نص على إمامة ولده علي زين العابدين وهكذا إماما بعد إمام ينص المتقدم منهم على المتأخر إلى آخرهم وهو أخيرهم على ما سيأتي :
* هامش *
(1) راجع كتاب السقيفة للمؤلف فيه بعض الشرح لهذه الشواهد القرآنية وغيرها . ( * )
- ص 76 -
30 - عقيدتنا في عدد الأئمة
ونعتقد أن الأئمة الذين لهم صفة الإمامة الحقة هم مرجعنا في الأحكام الشرعية المنصوص عليهم بالإمامة اثنا عشر إماما ، نص عليهم النبي صلى الله عليه وآله جميعا بأسمائهم ، ثم نص المتقدم منهم على من بعده ، على النحو الآتي :
1 - أبو الحسن علي أبي طالب ( المرتضى ) المتولد سنة 23 قبل الهجرة والمقتول سنة 40 بعدها .
2 - أبو محمد الحسن بن علي " الزكي " ( 2 - 50 )
3 - أبو عبد الله الحسين بن علي " سيد الشهداء " ( 3 - 61 )
4 - أبو محمد علي بن الحسين " زين العابدين " ( 38 - 95 )
5 - أبو جعفر محمد بن علي " الباقر " ( 57 - 114 )
6 - أبو عبد الله جعفر بن محمد " الصادق " ( 83 - 148 )
7 - أبو إبراهيم موسى بن جعفر " الكاظم " ( 128 - 183 )
8 - أبو الحسن علي بن موسى " الرضا " ( 148 - 203 )
9 - أبو جعفر محمد بن علي " الجواد " ( 195 - 220 )
10 - أبو الحسن علي بن محمد " الهادي " ( 212 - 254 )
11 - أبو محمد الحسن بن علي " العسكري " ( 232 - 260 )
12 - أبو القاسم محمد بن الحسن " المهدي " ( 256 - . . . ) وهو الحجة في عصرنا الغائب المنتظر ، عجل الله فرجه وسهل مخرجه ، ليملأ الأرض عدلا وقسطا بعد ما ملئت ظلما وجورا .
الفصل الثالث الإمامة
23 - عقديتنا في الإمامة
نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها ، ولا يجوز فيها تقليد الآباء والأهل والمربين مهما عظموا وكبروا ، بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوة .
وعلى الأقل أن الاعتقاد بفراغ ذمة المكلف من التكاليف الشرعية المفروضة عليه يتوقف على الاعتقاد بها إيجابا أو سلبا ، فإذا لم تكن أصلا من الأصول لا يجوز فيها التقليد لكونها أصلا فإنه يجب الاعتقاد بها من هذه الجهة أي من جهة أن فراغ
ذمة المكلف من التكاليف المفروضة عليه قطعا من الله تعالى واجب عقلا ، وليست كلها معلومة من طريقة قطعية ، فلا بد من الرجوع فيها إلى من نقطع بفراغ الذمة باتباعه ، أما الإمام على طريقة الإمامية أو غير على طريقة غيرهم .
كما نعتقد أنها كالنبوة لطف من الله تعالى ، فلا بد أن يكون في كل عصر إمام هاد يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر وإرشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين ، وله ما للنبي من الولاية العامة على الناس لتدبير شؤونهم ومصالحهم وإقامة العدل بينهم ورفع
- ص 66 -
الظلم والعدوان من بينهم . وعلى هذا ، فالإمامة استمرار للنبوة . والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه يوجب أيضا نصب الإمام بعد الرسول .
فلذلك نقول : إن الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله . وليست هي بالاختيار والانتخاب من الناس ، فليس لهم إذا شاءوا أن ينصبوا أحدا نصبوه ، وإذا شاءوا أن يعينوا إماما لهم عينوه ، ومتى شاءوا أن يتركوا تعيينه تركوه ، ليصح لهم البقاء بلا إمام ، بل ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) على ما ثبت ذلك عن الرسول الأعظم بالحديث المستفيض .
وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى ، سواء أبي البشر أم لم يأبوا ، وسواء ناصروه أم لم يناصروه ، أطاعوه أم لم يطيعوه ، وسواء كان حاضرا أم غائبا عن أعين الناس ، إذ كما يصح أن يغيب النبي كغيبته في الغار والشعب صح أن يغيب الإمام ، ولا فرق في حكم العقل بين طول الغيبة وقصرها .
قال الله تعالى : ( ولكل قوم هاد ) الرعد : 8 ، وقال : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) فاطر : 22 .
- ص 67 -
24 - عقيدتنا في عصمة الإمام
ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوما من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن ، من سن الطفولة إلى الموت ، عمدا وسهوا .
كما يجب أن يكون معصوما من السهو والخطأ والنسيان ، لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي ، والدليل الذي اقتضانا أن نعقتد بعصمة الأنبياء هو نفسه يقتضينا أن نعتقد بعصمة الأئمة ، بلا فرق . ليس على الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد
25 - عقيدتنا في صفات الإمام وعلمه
ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال من شجاعة وكرم وعفة وصدق وعدل ، ومن تدبير وعقل وحكمة وخلق . والدليل في النبي هو نفسه الدليل في الإمام . . . أما علمه فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله .
وإذا استجد شئ لا بد أن يعلمه من طريق الالهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه ، فإن توجه إلى شئ وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي ، لا يخطأ فيه ولا يشتبه
- ص 68 -
ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية ولا إلى تلقينات المعلمين ، وإن كان علمه قابلا للزيادة والاشتداد ، ولذا قال صلى الله عليه وآله في دعائه : ( رب زدني علما ) .
( أقول ) : لقد ثبت في الأبحاث النفسية إن كل إنسان له ساعة أو ساعات في حياته قد يعلم فيها ببعض الأشياء من طريق الحدس الذي هو فرع من الالهام ، بسبب ما أودع الله تعالى فيه من قوة على ذلك .
وهذه القوة تختلف شدة وضعفا وزيادة ونقيصة في البشر باختلاف أفرادهم . فيطفر ذهن الانسان في تلك الساعة إلى المعرفة من دون أن يحتاج إلى التفكير وترتيب المقدمات والبراهين أو تلقين المعلمين .
ويجد كل إنسان من نفسه ذلك في فرص كثيرة في حياته ، وإذا كان الأمر كذلك فيجوز أن يبلغ الانسان من قوته الإلهامية أعلى الدرجات وأكملها ، وهذا أمر قرره الفلاسفة المتقدمون والمتأخرون .
فلذلك ، نقول - وهو ممكن في حد ذاته - أن قوة الالهام عند الإمام التي تسمى بالقوة القدسية تبلغ الكمال في أعلى درجاته ، فيكون في صفاء نفسه القدسية على استعداد لتلقي المعلومات في كل وقت وفي كل حالة ، فمتى توجه إلى شئ من الأشياء وأراد معرفته استطاع علمه بتلك القوة القدسية الإلهامية بلا توقف ولا ترتيب مقدمات ولا تلقين معلم .
وتنجلي في نفسه المعلومات كما تنجلي المرئيات في المرآة الصافية لا غطش فيها ولا إبهام . ويبدو واضحا هذا الأمر في تاريخ الأئمة عليهم السلام كالنبي محمد صلى الله عليه وآله ، فإنهم لم يتربوا على أحد ، ولم يتعلموا على
- ص 69 -
يد معلم ، من مبدأ طفولتهم إلى سن الرشد ، حتى القراءة والكتابة ، ولم يثبت عن أحدهم أنه دخل الكتاتيب أو تلمذ على يد أستاذ في شئ من الأشياء ، مع ما لهم من منزلة علمية لا تجاري .
وما سئلوا عن شئ إلا أجابوا عليه في وقته ، ولم تمر على ألسنتهم كلمة ( لا أدري ) ، ولا تأجيل الجواب إلى المراجعة أو التأمل أو نحو ذلك .
في حين أنك لا تجد شخصا مترجما له من فقهاء الإسلام ورواته وعلمائه إلا ذكرت في ترجمته تربيته وتلمذته على غيره وأخذه الرواية أو العلم على المعروفين وتوقفه في بعض المسائل أو شكه في كثير من المعلومات ، كعادة البشر في كل عصر ومصر .
26 - عقديتنا في طاعة الأئمة
ونعتقد أن الأئمة هم أولو الأمر الذين أمر الله تعالى بطاعتهم ، وأنهم الشهداء على الناس ، وأنهم أبواب الله والسبل إليه والأدلاء عليه ، وأنهم عيبة علمه وتراجمة وحيه وأركان توحيده وخزان معرفته ، ولذا كانوا أمانا لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ( على حد تعبيره صلى الله عليه وآله ) .
وكذلك - على حد قوله أيضا - ( أن مثلهم في هذه الأمة كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى ) وأنهم حسبما جاء في الكتاب المجيد ( عباد الله المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) وأنهم الذين أذهب الله
- ص 70 -
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . بل نعتقد أن أمرهم أمر الله تعالى ، ونهيهم نهيه ، وطاعتهم طاعته ، ومعصيتهم معصيته ، ووليهم وليه ، وعدوهم عدوه ، ولا يجوز الرد عليهم ، والراد عليهم كالراد على الرسول والراد على الرسول كالراد على الله تعالى . فيجب التسليم لهم والانقياد لأمرهم والأخذ بقولهم .
ولهذا نعتقد أن الأحكام الشرعية الإلهية لا تستقى إلا من نمير مائهم ولا يصح أخذها إلا منهم ، ولا تفرغ ذمة المكلف بالرجوع إلى غيرهم ، ولا يطمئن بينه وبين الله إلى أنه قد أدى ما عليه من التكاليف المفروضة إلا من طريقهم . أنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق في هذا البحر المائج الزاخر بأمواج الشبه والضلالات ، والإدعاءات والمنازعات .
ولا يهمنا من بحث الإمامة في هذه العصور إثبات أنهم هم الخلفاء الشرعيون وأهل السلطة الإلهية ، فإن ذلك أمر مضى في ذمة التاريخ ، وليس في إثباته ما يعيد دورة الزمن من جديد أو يعيد الحقوق المسلوبة إلى أهلها .
وإنما الذي يهمنا منه ما ذكرنا من لزوم الرجوع إليهم في الأخذ بأحكام الله الشرعية ، وتحصيل ما جاء به الرسول الأكرم على الوجه الصحيح الذي جاء به .
وأن في أخذ الأحكام من الرواة والمجتهدين الذين لا يستقون من نمير مائهم ولا يستضيئون بنورهم ابتعادا عن محجة الصواب في الدين ، ولا يطمئن المكلف من فراغ ذمته من التكاليف المفروضة عليه من الله تعالى ، لأنه مع فرض وجود الاختلاف
- ص 71 -
في الآراء بين الطوائف والنحل فيما يتعلق بالأحكام الشرعية إختلافا لا يرجى معه التوفيق ، لا يبقى للمكلف مجال أن يتخير ويرجع إلى أي مذهب شاء ورأى اختار ، بل لا بد له أن يفحص ويبحث حتى تحصل له الحجة القاطعة بينه وبين الله تعالى
على تعيين مذهب خاص يتيقن أنه يتوصل به إلى أحكام الله وتفرغ به ذمته من التكاليف المفروضة ، فإنه كما يقطع بوجود أحكام مفروضة عليه يجب أن يقطع بفراغ ذمته منها ، فإن الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني .
والدليل القطعي دال على وجوب الرجوع إلى آل البيت وأنهم المرجع الأصلي بعد النبي لأحكام الله المنزلة . وعلى الأقل قوله عليه أفضل التحيات ( إني قد تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا : الثقلين ، وأحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي . ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) .
وهذا الحديث اتفقت الرواية عليه من طرق أهل السنة والشيعة . فدقق النظر في هذا الحديث الجليل تجد ما يقنعك ويدهشك في مبناه ومعناه ، فما أبعد المرمى في قوله : ( إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ) والذي تركه فينا هما الثقلان معا إذ جعلهما
كأمر واحد ولم يكتف بالتمسك بواحد منهما فقط ، فبهما معا لن نضل بعده أبدا . وما أوضح المعنى في قوله : ( لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) فلا يجد الهداية أبدا من فرق بينهما ولم يتمسك بهما معا .
فلذلك كانوا ( سفينة النجاة ) و ( أمانا لأهل الأرض ) ومن تخلف عنهم غرق في
- ص 72 -
لجج الضلال ولم يأمن من الهلاك . وتفسير ذلك بحبهم فقط من دون الأخذ بأقوالهم واتباع طريقهم هروب من الحق لا يلجئ إليه إلا التعصب والغفلة عن المنهج الصحيح في تفسير الكلام العربي المبين .
27 - عقديتنا في حب آل البيت
قال الله تعالى ( الشورى : 23 ) : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) . نعتقد أنه زيادة على وجوب التمسك بآل البيت ، يجب على كل مسلم أن يدين بحبهم ومودتهم ، لأنه تعالى في هذه الآية المذكورة حصر المسئول عليه الناس في المودة في القربى .
وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله أن حبهم علامة الإيمان ، وأن بغضهم علامة النفاق ، وأن من أحبهم أحب الله ورسوله ، ومن أبغضهم أبغض الله ورسوله . بل حبهم فرض من ضروريات الدين الاسلامي التي لا تقبل الجدل والشك .
وقد اتفق عليه جميع المسلمين على اختلاف نحلهم وآرائهم ، عدا فئة قليلة اعتبروا من أعداء آل محمد ، فنبزوا باسم
( النواصب ) أي من نصبوا العداوة لآل بيت محمد . وبهذا يعدون من المنكرين لضرورة إسلامية ثابتة بالقطع .
والمنكر للضرورة الإسلامية كوجوب الصلاة والزكاة يعد في حكم المنكر لأصل الرسالة ، بل هو على التحقيق
- ص 73 -
منكر للرسالة ، وإن أقر في ظاهر الحال بالشهادتين ، ولأجل هذا كان بغض آل محمد من علامات النفاق وحبهم من علامات الإيمان . ولأجله أيضا كان بغضهم بغضا لله ولرسوله .
ولا شك أنه تعالى لم يفرض حبهم ومودتهم إلا لأنهم أهل للحب والولاء ، من ناحية قربهم إليه سبحانه ، ومنزلتهم عنده ، وطهارتهم من الشرك والمعاصي ومن كل ما يبعد عن دار كرامته وساحة رضاه .
ولا يمكن أن تتصور أنه تعالى يفرض حب من يرتكب المعاصي أو لا يطيعه حق طاعته ، فإنه ليس له قرابة مع أحد أو صداقة وليس عنده الناس بالنسبة إليه إلا عبيدا مخلوقين على حد سواء ، وإنما أكرمهم عند الله أتقاهم .
فمن أوجب حبه على الناس كلهم لا بد أن يكون أتقاهم وأفضلهم جميعا ، وإلا كان غيره أولى بذلك الحب ، أو كان الله يفضل بعضا على بعض في وجوب الحب والولاية عبثا أو لهوا بلا جهة استحقاق وكرامة .
28 - عقيدتنا في الأئمة
لا نعتقد في أئمتنا ما يعتقده الغلاة والحلوليون ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم ) . بل عقديتنا الخاصة أنهم بشر مثلنا ، لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالى بكرامته
- ص 74 -
وحباهم بولايته ، إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به .
وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ومرجعا بعد النبي في كل ما يعود للناس من أحكام وحكم ، وما يرجع للدين من بيان وتشريع ، وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل .
قال إمامنا الصادق عليه السلام : ( ما جاءكم عنا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا ، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن يكون في المخلوقين فأجحدوه ولا تردوه إلينا " .
29 - عقيدتنا في أن الإمامة بالنص
نعتقد أن الإمامة كالنبوة لا تكون إلا بالنص من الله تعالى على لسان رسوله أو لسان الإمام المنصوب بالنص إذا أراد أن ينص على الإمام من بعده ، وحكمها في ذلك حكم النبوة بلا فرق ، فليس للناس أن يتحكموا فيمن يعينه الله هاديا ومرشدا لعامة البشر
، كما ليس لهم حق تعيينه أو ترشيحه أو انتخابه ، لأن الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمل أعباء الإمامة العامة وهداية البشر قاطبة يجب ألا يعرف إلا بتعريف الله ولا يعين إلا بتعيينه .
- ص 75 -
ونعتقد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص على خليفته والإمام في البرية من بعده ، فعين ابن عمه علي بن أبي طالب أميرا للمؤمنين وأمينا للوحي وإماما للخلق في عدة مواطن ، ونصبه وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم الغدير فقال : ( ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه كيفما دار ) .
ومن أول مواطن النص على إمامته قوله حينما دعا أقرباءه الأدنين وعشيرته الأقربين فقال : ( هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا ) وهو يومئذ صبي لم يبلغ الحلم .
وكرر قوله له في عدة مرات : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) إلى غير ذلك من روايات وآيات كريمة دلت على ثبوت الولاية العامة له كآية ( المائدة : 60 ) : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يؤتون الزكاة وهم راكعون ) ، وقد نزلت فيه عندما تصدق بالخاتم وهو راكع ولا يساعد وضع هذه الرسالة على استقصاء كل ما ورد في إمامته من الآيات والروايات ولا بيان وجه دلالتها ( 1 ) .
ثم إنه عليه السلام نص على إمامة الحسن والحسين ، والحسين نص على إمامة ولده علي زين العابدين وهكذا إماما بعد إمام ينص المتقدم منهم على المتأخر إلى آخرهم وهو أخيرهم على ما سيأتي :
* هامش *
(1) راجع كتاب السقيفة للمؤلف فيه بعض الشرح لهذه الشواهد القرآنية وغيرها . ( * )
- ص 76 -
30 - عقيدتنا في عدد الأئمة
ونعتقد أن الأئمة الذين لهم صفة الإمامة الحقة هم مرجعنا في الأحكام الشرعية المنصوص عليهم بالإمامة اثنا عشر إماما ، نص عليهم النبي صلى الله عليه وآله جميعا بأسمائهم ، ثم نص المتقدم منهم على من بعده ، على النحو الآتي :
1 - أبو الحسن علي أبي طالب ( المرتضى ) المتولد سنة 23 قبل الهجرة والمقتول سنة 40 بعدها .
2 - أبو محمد الحسن بن علي " الزكي " ( 2 - 50 )
3 - أبو عبد الله الحسين بن علي " سيد الشهداء " ( 3 - 61 )
4 - أبو محمد علي بن الحسين " زين العابدين " ( 38 - 95 )
5 - أبو جعفر محمد بن علي " الباقر " ( 57 - 114 )
6 - أبو عبد الله جعفر بن محمد " الصادق " ( 83 - 148 )
7 - أبو إبراهيم موسى بن جعفر " الكاظم " ( 128 - 183 )
8 - أبو الحسن علي بن موسى " الرضا " ( 148 - 203 )
9 - أبو جعفر محمد بن علي " الجواد " ( 195 - 220 )
10 - أبو الحسن علي بن محمد " الهادي " ( 212 - 254 )
11 - أبو محمد الحسن بن علي " العسكري " ( 232 - 260 )
12 - أبو القاسم محمد بن الحسن " المهدي " ( 256 - . . . ) وهو الحجة في عصرنا الغائب المنتظر ، عجل الله فرجه وسهل مخرجه ، ليملأ الأرض عدلا وقسطا بعد ما ملئت ظلما وجورا .
مواضيع مماثلة
» الفصل الثاني النبوة - عقيدتنا في النبوة - عقيدتنا في معجزة الأنبياء - عقيدتنا في عصمة الأنبياء
» الفصل الخامس - عقيدتنا في البعث والمعاد - عقيدتنا في المعاد الجسماني
» عقيدتنا في الإسلام - عقيدتنا في القرآن الكريم
» الفصل الرابع ما أدب به آل البيت شيعتهم - عقيدتنا في الدعاء
» الفصل الأول الإلهيات - عقيدتنا في الله تعالى - وفي التوحيد - وفي صفاته تعالى - وفي العدل
» الفصل الخامس - عقيدتنا في البعث والمعاد - عقيدتنا في المعاد الجسماني
» عقيدتنا في الإسلام - عقيدتنا في القرآن الكريم
» الفصل الرابع ما أدب به آل البيت شيعتهم - عقيدتنا في الدعاء
» الفصل الأول الإلهيات - عقيدتنا في الله تعالى - وفي التوحيد - وفي صفاته تعالى - وفي العدل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى