محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي3
alzahra2 :: الفئة الأولى :: قسم السيره :: مقالات مقتبسة
صفحة 1 من اصل 1
محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي3
ما بين يديك أخي العزيز وأختي الفاضلة النص المقارب لما تم بثه على قناة الأنوار الفضائية في شهر جمادى الأولى 1428هـ وما بعده بمناسبة شهادة فاطمة الزهراء عليها السلام ضمن برنامج "الصديقة الشهيدة" الذي بلغت حلقاته 15 حلقة تتناول سيرة الزهراء (ع) مما قبل الميلاد إلى ما بعد الاستشهاد وهذا ما جاء في الحلقة الثالثة وعنوانها : العناصر الغيبية الدخيلة في تكوين الزهراء (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم من الأولين والآخرين.
كنا قد تحدثنا في الحلقتين الماضيتين عن نور فاطمة الزهراء (ع) قبل ولادتها عندما كانت في عالم الأنوار، وهو عالم أرفع بكثير من عالم الطبيعة، وهذا النور عندما أراد الله عز وجل له أن يتنزل إلى عالم الدنيا أنزله الله عز وجل في أحسن حلة وأفضل هيئة، وهذا ما سيكون محور حديثنا في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى.
هل في الزهراء خصوصيات غير عادية؟
هناك فكرة يطرحها البعض من أن فاطمة الزهراء (ع) لاتوجد فيها أي خصوصيات غير عادية في شخصيتها، وأن الخصوصية تكمن في الظروف الطبيعية التي كفلت لها إمكانات النمو الروحي والعقلي، وأنه لاتوجد أي عناصر غيبية مميزة تخرج الزهراء عن مستوى المرأة العادي، وأن القول بوجود تلك العناصر لايخضع لأي إثبات. (تأملات إسلامية حول المرأة ص9)
وقد أثبتنا في الحلقتين الماضيتين أن الروايات الواردة حول أنوار النبي (ص) وأهل البيت (ع) متواترة إجمالا، وتواترها كاف في إثباتها، بالرغم من وجود بعض الروايات الصحيحة والمعتبرة في ذلك كما في رواية سدير الصيرفي المروية في نوادر معاني الأخبار.
العنصر الغيبي الثاني
ولم تقتصر العناية الغيبية والخصوصيات غير العادية للزهراء المرضية (ع) في أمر نورها بل امتد ليشمل النطفة المادية التي تريد أن تتكون منها، فهي نطفة مميزة عن باقي النطف.
وعندما أراد الله عز وجل أن يخلق فاطمة الزهراء (ع) في عالم الدنيا، خصها بميزة في نطفتها لتكون متناسبة مع مقام نورانيتها السابقة على خلقتها من جهة، ولتكون وعاء لأطهر الخلق أي الأئمة المعصومين (ع) من ذريتها الذين سيخلقون من بعدها من جهة أخرى، والروايات الثابتة الواردة عن أهل البيت (ع) تؤكد هذا الأمر.
الروايات المعتبرة المثبتة للعنصر الثاني
وهنا أنقل لكم ثلاثة روايات صحيحة ومعتبرة تؤكد على أن الله عز وجل قد اهتم بالنطفة التي ستتولد منها فاطمة الزهراء (ع)، وهي:
1 - روى الشيخ الصدوق بسند صحيح عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سدير الصيرفي، عن الإمام الصادق (ع) عن رسول الله (ص) أنه قال:
«فلما خلق الله عز وجل آدم وأخرجني من صلبه وأحب الله عز وجل أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنة وأتاني بها جبرائيل (ع) فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد! قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرائيل، فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام قلت: منه السلام وإليه يعود السلام قال: يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عز وجل إليك من الجنة.
فأخذتها وضممتها إلى صدري، قال: يا محمد يقول الله جل جلاله كلها ففلقتها فرأيت نورا ساطعا وفزعت منه فقال: يا محمد مالك لا تأكل، كلها ولا تخف فإن ذلك النور للمنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة، قلت: حبيبي جبرائيل ولم سميت في السماء المنصورة وفي الأرض فاطمة؟ قال: سميت في الأرض فاطمة لأنها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداؤها عن حبها». (معاني الأخبار باب نوادر المعاني ص396 ح53)
2 - روى الشيخ الصدوق بسند صحيح عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، عن الرضا (ع) قال: قال النبي (ص):
«لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرائيل (ع) فأدخلني الجنة فناولي من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليها السلام، ففاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة». (عيون أخبار الرضا ج1 ص93 ح3، والأمالي ص564 المجلس 70 ح728/7، والتوحيد ص118 ح21)
3 – روى علي بن إبراهيم القمي بسند صحيح عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبدالله (ع) قال:
«كان رسول الله (ص) يكثر تقبيل فاطمة (ع) فأنكرت ذلك عائشة، فقال رسول الله (ص): يا عائشة إني لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فأدناني جبرائيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فأكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتها قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها». (تفسير القمي ج1 ص365)
شبهة وجوابها
وهنا أحب الوقوف قليلا عند ملاحظة صغيرة، وهي أن الرواية الأولى ذكرت أن ما تناوله النبي (ص) كان تفاحة، بينما الرواية الثانية تقول أنه من الرطب، والثالثة تقول أنه من ثمار الجنة، بل في بعض الروايات كما في رواية الحاكم النيشابوري أنها سفرجلة. (المستدرك ج3 ص156)
ولايوجد أي تناف بينها لأن الرواية الثالثة تثبت أن النبي (ص) تناول من ثمار الجنة، وهي كلمة بصيغة الجمع، فلا يمنع أن يكون النبي (ص) قد تناول أكثر من ثمرة من ثمار الجنة، ويشهد لهذا المعنى ما رواه ابن المغازلي في المناقب عن ابن عباس قال:
"كان رسول الله (ص) يكثر القبل لفاطمة (ع)، فقالت له عائشة: يا نبي الله إنك لتكثر تقبيل فاطمة؟! فقال النبي (ص):
«إن جبرئيل (ع) ليلة أسري بي أدخلني الجنة وأطعمني من جميع ثمار الجنة، فصار ماء في صلبي، فواقعت خديجة فحملت خديجة بفاطمة فإذا اشتقت إلى تلك الثمار قبلت فاطمة، فأصبت من باقي رائحتها قصم (بكسر القاف أي الكسرة) الثمار التي أكلتها». (عوالم سيدة النساء ص31 ح7، ويؤيده أيضا ما رواه الخوارزمي في مقتل الحسين عن النبي (ص) أن جبرائيل قد أتى النبي (ص) بطبق من رطب الجنة فأكلها النبي (ص)، عنه عوالم سيدة النساء ص32 ح9)
ويؤكد هذا ما جاء في كتاب الإمامة والتبصرة عن الإمام الكاظم (ع) عن آبائه، عن رسول الله (ص) أنه قال:
«رائحة ابنتي فاطمة رائحة السفرجل والآس والورد». (عنه البحار ج63 ص177)
والروايات الثلاث المعتبرة السابقة مضافا إلى العديد من الروايات الأخرى التي تؤكد مضمونها تؤكد حقيقة مسلمة عند علماء الشيعة الموالين لأهل البيت (ع) وهي أن ولادة فاطمة الزهراء (ع) كانت بعد البعثة وليس قبلها، لأن العروج بالنبي (ص) إلى السماء كان بعد نبوة النبي (ص).
عناية غيبية ثالثة
ومن الاستنتاجات المترتبة على الأحاديث السابقة إثبات خصوصية غيبية ثالثة لفاطمة الزهراء (ع) ألا وهي أنها حوراء إنسية، والحوراء نسبة إلى الحور العين في الجنة، وهن لايرين الدم الذي تراه النساء، وقد جاءت الروايات الصحيحة عن أهل البيت (ع) أن فاطمة حوراء لا ترى ما تراه النساء، وبعض تلك الأحاديث فرعت تلك الصفة على كون نشأتها من ثمار الجنة. (كما في رواية دلائل الإمامة للطبري، ومقتل الحسين للخوارزمي، فراجع عوالم سيدة النساء ص31)
وقد روى الكليني بسند صحيح عن محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) أنه قال:
«إن فاطمة صديقة شهيدة، وأن بنات الأنبياء لا يطمثن». (الكافي ج1 ص458 ح2)
لماذا اختصت العناية الغيبية بفاطمة (ع)؟
وهنا يطرح سؤال مهم، وهو: لماذا يعطي الله عز وجل النبي (ص) وأهل البيت (ع) هذه العنايات الخاصة بهم حتى قبل ولادتهم، ولم يعطها لغيرهم، فلماذا لم يخلق الله عز وجل غير الزهراء من نور؟ ولماذا لم تشارك غير الزهراء (ع) في بعض هذه العناصر؟
والجواب يظهر فيما أشار إليه المرجع الراحل الميرزا التبريزي (قد) حين قال:
" وقد صح عن أئمتنا أنها صديقة شهيدة ميزها الله في خلقها عن سائر النساء لعلمه بأنه لولا هذه الكرامة في خلقها أيضا لامتازت عن سائر النساء، كما هو الحال في خلق الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين". (الحوزة العلمية تدين الانحراف ص149 الطبعة الثانية)
ولادتها الميمونة والعنصر الغيبي الرابع
أما حملها وكيفية ولادتها الميمونة فهي عنصر غيبي رابع من العناصر الغيبية المحتفة بها، والتي جاءت من خلال رواية الشيخ الصدوق (رض)، وسأضع بعض التعليقات المختصرة على هذه الرواية بين قوسين وسط الحديث، فقد روى الشيخ الصدوق في بإسناده عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: كيف كان ولادة فاطمة عليها السلام ؟ فقال:
«نعم إن خديجة عليها السلام لما تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وآله هجرتها نسوة مكة فكن لا يدخلن عليها ولا يسلمن عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها، (وكانت مقاطعة اجتماعية لها بكل ما للكلمة من معنى بغية محاصرتها ومحاصرة النبي (ص) اجتماعيا كي لا تتأثر النساء بها) فاستوحشت خديجة لذلك، وكان جزعها وغمها حذرا عليه صلى الله عليه وآله، (فما كانت هذه المرأة الجليلة لتفكر بنفسها بل كان كل همها هو رسول الله، وكان هذا منتهى الوفاء منها لرسول الله صلى الله عليه وآله) فلما حملت بفاطمة كانت فاطمة عليها السلام تحدثها من بطنها (ولا غرابة في ذلك، فإذا الله عز وجل أقدر النبي عيسى (ع) أن يكلم الناس في المهد، فهو القادر أيضا ولا يحد قدرته شيء أن يقدر الزهراء (ع) أن تحدث أمها وهي في بطنها) وتصبرها ( وكانت الزهراء (ع) البنت البارة بأمها والمسلية لها حتى قبل ولادتها) تكتم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله، فدخل رسول الله يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة عليها السلام فقال لها: يا خديجة من تحدثين؟ (ورب سائل وهو عالم بالجواب، ومما يشهد بعلمه جوابه على خديجة (ع) بعد أن أخبرت النبي (ص) بحقيقة الأمر)، قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني، قال: يا خديجة هذا جبرائيل ( يبشرني ) يخبرني أنها أنثى وأنها النسلة الطاهرة الميمونة وأن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه. (إن امرأة عظيمة ستكون وعاء لأفضل الخلق يقتضي حملها وولادتها كل هذه الخصوصيات غير العادية من تحدثها مع أمها في بطنها ونزول جبرائيل خصيصا ليبشر النبي (ص) بمقامها).
فلم تزل خديجة عليها السلام على ذلك إلى أن حضرت ولادتها فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء، فأرسلن إليها: أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا، فاغتمت خديجة عليها السلام لذلك، فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنا رسل ربك إليك ونحن أخواتك أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه كلثم أخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها، وأخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة. (ونزول تلك النساء الأربعة من الجنة وهن من أكرم النساء لهو تكريم غيبي للزهراء (ع)، فهي التي تستحق أن تكون تلك النساء العظيمات خادمات عندها)
فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور، ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة وفي الإبريق ماء من الكوثر فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر، (وهل بعد كل هذه العناصر والعنايات يقال أنها لم تكن هناك أي خصوصية غيبية غير عادية للزهراء عليها السلام)، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية (ولعل في أن الزهراء (ع) قد لفت بالقناع على رأسها إشارة إلى الاهتمام بأمر الحجاب، وهو رسالة لك أختي المؤمنة بالاهتمام بأمر القناع، فالزهراء (ع) منذ اليوم الأول لولادتها قد لفت بالقناع) ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط، ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها، وأقبلن يضحكن إليها، وتباشرت الحور العين، وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة بورك فيها وفي نسلها». (الأمالي ص690 ح1 المجلس78)
إضافة ركعة للمغرب شكرا على ولادة الزهراء (ع)
ومن البركات المعنوية لولادة فاطمة الزهراء (ع) ما رواه الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي رضوان الله عليهما أن الركعة الثالثة من المغرب أضيفت إلى الصلاة شكرا من رسول الله (ص) لربه على مولد فاطمة (ع). (راجع علل الشرائع ج2 ص324، ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص289 ح1319، والتهذيب ج2 ص113 ح424/192، وقد أوردها بعض فقهاء الإمامية في كتبهم الفقهية بما يفيد منهم القبول بمضمونها وعدم اعتراضهم عليها، فراجع ذكرى الشيعة للشهيد الأول ج2 ص312، والحدائق الناضرة ج6 ص58، ولم أجد من السابقين واللاحقين من اعترض عليها، وإنما أذكر ذلك لأنني أتوقع أن يخرج أحد المشككين الجهلة بمقامات أهل البيت (ع) ليقول أن هذا غير معقول ولا يمكن للعقل قبوله وأنه من الغلو!!!)
وكان شكر النبي (ص) متجانسا مع عظم هذه النعمة، فكان شكرا بعبادة الله عز وجل بواحدة من أحب العبادات إليه سبحانه وأهمها في الدين، كما أن هذه النعمة الكبرى لما كانت خيراتها العظيمة مستمرة إلى يوم القيامة فهذا استوجب أن يدوم شكرها إلى يوم القيامة أيضا، فالشكر عليها حسن على جميع أفراد الأمة.
وقد تحدثت في إحدى حلقات عقائد الإمامية بتفصيل عن الولاية التشريعية للنبي (ص) من خلال الروايات المعتبرة التي بلغت عشرة روايات، فما أكرمها من ولادة وما أجلها من بركات.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم من الأولين والآخرين.
كنا قد تحدثنا في الحلقتين الماضيتين عن نور فاطمة الزهراء (ع) قبل ولادتها عندما كانت في عالم الأنوار، وهو عالم أرفع بكثير من عالم الطبيعة، وهذا النور عندما أراد الله عز وجل له أن يتنزل إلى عالم الدنيا أنزله الله عز وجل في أحسن حلة وأفضل هيئة، وهذا ما سيكون محور حديثنا في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى.
هل في الزهراء خصوصيات غير عادية؟
هناك فكرة يطرحها البعض من أن فاطمة الزهراء (ع) لاتوجد فيها أي خصوصيات غير عادية في شخصيتها، وأن الخصوصية تكمن في الظروف الطبيعية التي كفلت لها إمكانات النمو الروحي والعقلي، وأنه لاتوجد أي عناصر غيبية مميزة تخرج الزهراء عن مستوى المرأة العادي، وأن القول بوجود تلك العناصر لايخضع لأي إثبات. (تأملات إسلامية حول المرأة ص9)
وقد أثبتنا في الحلقتين الماضيتين أن الروايات الواردة حول أنوار النبي (ص) وأهل البيت (ع) متواترة إجمالا، وتواترها كاف في إثباتها، بالرغم من وجود بعض الروايات الصحيحة والمعتبرة في ذلك كما في رواية سدير الصيرفي المروية في نوادر معاني الأخبار.
العنصر الغيبي الثاني
ولم تقتصر العناية الغيبية والخصوصيات غير العادية للزهراء المرضية (ع) في أمر نورها بل امتد ليشمل النطفة المادية التي تريد أن تتكون منها، فهي نطفة مميزة عن باقي النطف.
وعندما أراد الله عز وجل أن يخلق فاطمة الزهراء (ع) في عالم الدنيا، خصها بميزة في نطفتها لتكون متناسبة مع مقام نورانيتها السابقة على خلقتها من جهة، ولتكون وعاء لأطهر الخلق أي الأئمة المعصومين (ع) من ذريتها الذين سيخلقون من بعدها من جهة أخرى، والروايات الثابتة الواردة عن أهل البيت (ع) تؤكد هذا الأمر.
الروايات المعتبرة المثبتة للعنصر الثاني
وهنا أنقل لكم ثلاثة روايات صحيحة ومعتبرة تؤكد على أن الله عز وجل قد اهتم بالنطفة التي ستتولد منها فاطمة الزهراء (ع)، وهي:
1 - روى الشيخ الصدوق بسند صحيح عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سدير الصيرفي، عن الإمام الصادق (ع) عن رسول الله (ص) أنه قال:
«فلما خلق الله عز وجل آدم وأخرجني من صلبه وأحب الله عز وجل أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنة وأتاني بها جبرائيل (ع) فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد! قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرائيل، فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام قلت: منه السلام وإليه يعود السلام قال: يا محمد إن هذه تفاحة أهداها الله عز وجل إليك من الجنة.
فأخذتها وضممتها إلى صدري، قال: يا محمد يقول الله جل جلاله كلها ففلقتها فرأيت نورا ساطعا وفزعت منه فقال: يا محمد مالك لا تأكل، كلها ولا تخف فإن ذلك النور للمنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة، قلت: حبيبي جبرائيل ولم سميت في السماء المنصورة وفي الأرض فاطمة؟ قال: سميت في الأرض فاطمة لأنها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداؤها عن حبها». (معاني الأخبار باب نوادر المعاني ص396 ح53)
2 - روى الشيخ الصدوق بسند صحيح عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، عن الرضا (ع) قال: قال النبي (ص):
«لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرائيل (ع) فأدخلني الجنة فناولي من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليها السلام، ففاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة». (عيون أخبار الرضا ج1 ص93 ح3، والأمالي ص564 المجلس 70 ح728/7، والتوحيد ص118 ح21)
3 – روى علي بن إبراهيم القمي بسند صحيح عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبدالله (ع) قال:
«كان رسول الله (ص) يكثر تقبيل فاطمة (ع) فأنكرت ذلك عائشة، فقال رسول الله (ص): يا عائشة إني لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فأدناني جبرائيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فأكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتها قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها». (تفسير القمي ج1 ص365)
شبهة وجوابها
وهنا أحب الوقوف قليلا عند ملاحظة صغيرة، وهي أن الرواية الأولى ذكرت أن ما تناوله النبي (ص) كان تفاحة، بينما الرواية الثانية تقول أنه من الرطب، والثالثة تقول أنه من ثمار الجنة، بل في بعض الروايات كما في رواية الحاكم النيشابوري أنها سفرجلة. (المستدرك ج3 ص156)
ولايوجد أي تناف بينها لأن الرواية الثالثة تثبت أن النبي (ص) تناول من ثمار الجنة، وهي كلمة بصيغة الجمع، فلا يمنع أن يكون النبي (ص) قد تناول أكثر من ثمرة من ثمار الجنة، ويشهد لهذا المعنى ما رواه ابن المغازلي في المناقب عن ابن عباس قال:
"كان رسول الله (ص) يكثر القبل لفاطمة (ع)، فقالت له عائشة: يا نبي الله إنك لتكثر تقبيل فاطمة؟! فقال النبي (ص):
«إن جبرئيل (ع) ليلة أسري بي أدخلني الجنة وأطعمني من جميع ثمار الجنة، فصار ماء في صلبي، فواقعت خديجة فحملت خديجة بفاطمة فإذا اشتقت إلى تلك الثمار قبلت فاطمة، فأصبت من باقي رائحتها قصم (بكسر القاف أي الكسرة) الثمار التي أكلتها». (عوالم سيدة النساء ص31 ح7، ويؤيده أيضا ما رواه الخوارزمي في مقتل الحسين عن النبي (ص) أن جبرائيل قد أتى النبي (ص) بطبق من رطب الجنة فأكلها النبي (ص)، عنه عوالم سيدة النساء ص32 ح9)
ويؤكد هذا ما جاء في كتاب الإمامة والتبصرة عن الإمام الكاظم (ع) عن آبائه، عن رسول الله (ص) أنه قال:
«رائحة ابنتي فاطمة رائحة السفرجل والآس والورد». (عنه البحار ج63 ص177)
والروايات الثلاث المعتبرة السابقة مضافا إلى العديد من الروايات الأخرى التي تؤكد مضمونها تؤكد حقيقة مسلمة عند علماء الشيعة الموالين لأهل البيت (ع) وهي أن ولادة فاطمة الزهراء (ع) كانت بعد البعثة وليس قبلها، لأن العروج بالنبي (ص) إلى السماء كان بعد نبوة النبي (ص).
عناية غيبية ثالثة
ومن الاستنتاجات المترتبة على الأحاديث السابقة إثبات خصوصية غيبية ثالثة لفاطمة الزهراء (ع) ألا وهي أنها حوراء إنسية، والحوراء نسبة إلى الحور العين في الجنة، وهن لايرين الدم الذي تراه النساء، وقد جاءت الروايات الصحيحة عن أهل البيت (ع) أن فاطمة حوراء لا ترى ما تراه النساء، وبعض تلك الأحاديث فرعت تلك الصفة على كون نشأتها من ثمار الجنة. (كما في رواية دلائل الإمامة للطبري، ومقتل الحسين للخوارزمي، فراجع عوالم سيدة النساء ص31)
وقد روى الكليني بسند صحيح عن محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) أنه قال:
«إن فاطمة صديقة شهيدة، وأن بنات الأنبياء لا يطمثن». (الكافي ج1 ص458 ح2)
لماذا اختصت العناية الغيبية بفاطمة (ع)؟
وهنا يطرح سؤال مهم، وهو: لماذا يعطي الله عز وجل النبي (ص) وأهل البيت (ع) هذه العنايات الخاصة بهم حتى قبل ولادتهم، ولم يعطها لغيرهم، فلماذا لم يخلق الله عز وجل غير الزهراء من نور؟ ولماذا لم تشارك غير الزهراء (ع) في بعض هذه العناصر؟
والجواب يظهر فيما أشار إليه المرجع الراحل الميرزا التبريزي (قد) حين قال:
" وقد صح عن أئمتنا أنها صديقة شهيدة ميزها الله في خلقها عن سائر النساء لعلمه بأنه لولا هذه الكرامة في خلقها أيضا لامتازت عن سائر النساء، كما هو الحال في خلق الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين". (الحوزة العلمية تدين الانحراف ص149 الطبعة الثانية)
ولادتها الميمونة والعنصر الغيبي الرابع
أما حملها وكيفية ولادتها الميمونة فهي عنصر غيبي رابع من العناصر الغيبية المحتفة بها، والتي جاءت من خلال رواية الشيخ الصدوق (رض)، وسأضع بعض التعليقات المختصرة على هذه الرواية بين قوسين وسط الحديث، فقد روى الشيخ الصدوق في بإسناده عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: كيف كان ولادة فاطمة عليها السلام ؟ فقال:
«نعم إن خديجة عليها السلام لما تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وآله هجرتها نسوة مكة فكن لا يدخلن عليها ولا يسلمن عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها، (وكانت مقاطعة اجتماعية لها بكل ما للكلمة من معنى بغية محاصرتها ومحاصرة النبي (ص) اجتماعيا كي لا تتأثر النساء بها) فاستوحشت خديجة لذلك، وكان جزعها وغمها حذرا عليه صلى الله عليه وآله، (فما كانت هذه المرأة الجليلة لتفكر بنفسها بل كان كل همها هو رسول الله، وكان هذا منتهى الوفاء منها لرسول الله صلى الله عليه وآله) فلما حملت بفاطمة كانت فاطمة عليها السلام تحدثها من بطنها (ولا غرابة في ذلك، فإذا الله عز وجل أقدر النبي عيسى (ع) أن يكلم الناس في المهد، فهو القادر أيضا ولا يحد قدرته شيء أن يقدر الزهراء (ع) أن تحدث أمها وهي في بطنها) وتصبرها ( وكانت الزهراء (ع) البنت البارة بأمها والمسلية لها حتى قبل ولادتها) تكتم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله، فدخل رسول الله يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة عليها السلام فقال لها: يا خديجة من تحدثين؟ (ورب سائل وهو عالم بالجواب، ومما يشهد بعلمه جوابه على خديجة (ع) بعد أن أخبرت النبي (ص) بحقيقة الأمر)، قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني، قال: يا خديجة هذا جبرائيل ( يبشرني ) يخبرني أنها أنثى وأنها النسلة الطاهرة الميمونة وأن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه. (إن امرأة عظيمة ستكون وعاء لأفضل الخلق يقتضي حملها وولادتها كل هذه الخصوصيات غير العادية من تحدثها مع أمها في بطنها ونزول جبرائيل خصيصا ليبشر النبي (ص) بمقامها).
فلم تزل خديجة عليها السلام على ذلك إلى أن حضرت ولادتها فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء، فأرسلن إليها: أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له فلسنا نجئ ولا نلي من أمرك شيئا، فاغتمت خديجة عليها السلام لذلك، فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنا رسل ربك إليك ونحن أخواتك أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه كلثم أخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها، وأخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة. (ونزول تلك النساء الأربعة من الجنة وهن من أكرم النساء لهو تكريم غيبي للزهراء (ع)، فهي التي تستحق أن تكون تلك النساء العظيمات خادمات عندها)
فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور، ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة وفي الإبريق ماء من الكوثر فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر، (وهل بعد كل هذه العناصر والعنايات يقال أنها لم تكن هناك أي خصوصية غيبية غير عادية للزهراء عليها السلام)، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية (ولعل في أن الزهراء (ع) قد لفت بالقناع على رأسها إشارة إلى الاهتمام بأمر الحجاب، وهو رسالة لك أختي المؤمنة بالاهتمام بأمر القناع، فالزهراء (ع) منذ اليوم الأول لولادتها قد لفت بالقناع) ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء وأن بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط، ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها، وأقبلن يضحكن إليها، وتباشرت الحور العين، وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة بورك فيها وفي نسلها». (الأمالي ص690 ح1 المجلس78)
إضافة ركعة للمغرب شكرا على ولادة الزهراء (ع)
ومن البركات المعنوية لولادة فاطمة الزهراء (ع) ما رواه الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي رضوان الله عليهما أن الركعة الثالثة من المغرب أضيفت إلى الصلاة شكرا من رسول الله (ص) لربه على مولد فاطمة (ع). (راجع علل الشرائع ج2 ص324، ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص289 ح1319، والتهذيب ج2 ص113 ح424/192، وقد أوردها بعض فقهاء الإمامية في كتبهم الفقهية بما يفيد منهم القبول بمضمونها وعدم اعتراضهم عليها، فراجع ذكرى الشيعة للشهيد الأول ج2 ص312، والحدائق الناضرة ج6 ص58، ولم أجد من السابقين واللاحقين من اعترض عليها، وإنما أذكر ذلك لأنني أتوقع أن يخرج أحد المشككين الجهلة بمقامات أهل البيت (ع) ليقول أن هذا غير معقول ولا يمكن للعقل قبوله وأنه من الغلو!!!)
وكان شكر النبي (ص) متجانسا مع عظم هذه النعمة، فكان شكرا بعبادة الله عز وجل بواحدة من أحب العبادات إليه سبحانه وأهمها في الدين، كما أن هذه النعمة الكبرى لما كانت خيراتها العظيمة مستمرة إلى يوم القيامة فهذا استوجب أن يدوم شكرها إلى يوم القيامة أيضا، فالشكر عليها حسن على جميع أفراد الأمة.
وقد تحدثت في إحدى حلقات عقائد الإمامية بتفصيل عن الولاية التشريعية للنبي (ص) من خلال الروايات المعتبرة التي بلغت عشرة روايات، فما أكرمها من ولادة وما أجلها من بركات.
مواضيع مماثلة
» محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي14
» محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي15
» من محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي
» محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي2
» محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي4
» محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي15
» من محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي
» محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي2
» محاظرات سماحة السيد هاشم الهاشمي4
alzahra2 :: الفئة الأولى :: قسم السيره :: مقالات مقتبسة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى