alzahra2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

خلفيات صرحت بها الكلمات

اذهب الى الأسفل

خلفيات صرحت بها الكلمات Empty خلفيات صرحت بها الكلمات

مُساهمة  جند المرجعية الثلاثاء يونيو 01, 2010 12:54 am

مأساة الزهراء عليها السلام ج 1 - العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي - ص 135



خلفيات صرحت بها الكلمات

وقضية الزهراء أيضا ، وما جرى عليها بعد رسول الله ( ص ) سيكون حدثا تاريخيا مفيدا جدا من حيث دلالاته الالتزامية ، إذ فرق بين أن يقال لك : إن الذين اغتصبوا الخلافة قد ضربوا الزهراء ( ع ) فور وفاة أبيها إلى درجة أنهم أسقطوا جنينها ، وكسروا ضلعها الشريف ، إلى غير ذلك مما هو معروف ، وبين أن يقال لك كما يقول البعض : إنهم ما زادوا على التهديد بإحراق بيتها .

ثم يقال لك : إنهم كانوا يحترمونها ، ويجلونها ، أو على الأقل يخشون من الإساءة إليها بسبب موقعها واحترام الناس لها ، الأمر الذي يعني إن تهديدهم لها صوري لا حقيقة له ، ثم يتسع المجال لمن

- ص 136 -


يريد أن يقول لك بعدها : إنهم في أمر الخلافة ، قد اجتهدوا فأخطأوا .

ثم هو يقول لك مرة أخرى ، لكي يمهد لإقناعك بأنهم مأجورون على غصب الخلافة : " إن النبي ( ص ) نص على علي عليه السلام ، لكن الصحابة قد فهموا ذلك بطريقة أخرى " .

أي أن القضية لم تكن عدوانا ، ولا هي غصب حق معلوم ، وإنما كانت مجرد سوء فهم لكلام الرسول ( ص ) ، ولم يكن سوء الفهم هذا منحصرا بالمعتدين ، والغاصبين ، بل الصحابة كلهم قد فهموا نفس ما فهمه الغاصبون حيث يقال لك في مورد آخر : إن النبي ( ص ) قد نص على علي عليه السلام يوم الغدير ، لكن طبيعة الكلام الذي قاله النبي تجعل الناس في شك .

إذن ، هم يريدون منك أن تقول " ألف " لكي تقول " باء " ، ثم ينتزعون منك " التاء " وهكذا إلى " الياء " . .

العقبة الكؤود : وأعظم عقبة تواجه هؤلاء هي ضرب الزهراء ( ع ) ، وإسقاط جنينها ، وإحراق بيتها ، واقتحامه بالعنف والقسوة البالغة ، دونما مبرر مقبول أو معقول .

ولو أن عليا هو الذي كان قد واجه القوم لأمكن أن تحل العقدة ، باتهامه بأنه هو المعتدي على المهاجمين ( ! ! ) .

ويزيد الأمر تعقيدا ما قاله النبي ( ص ) في حق فاطمة عليها السلام ، وكون هذه الأمور قد حصلت فور وفاته صلى الله عليه وآله ،

- ص 137 -


وفي بيت الزهراء بالذات ، وبطريقة لا يمكن الدفاع عنها أو توجيهها .

فإن ما فعلوه مخالف للشرع والدين من جهة ، ومخالف للأخلاق الإنسانية وللوفاء لهذا النبي الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور ، وكانوا على شفا حفرة من النار فأنقذهم منها من جهة أخرى .

ثم هو يصادم المشاعر النبيلة والعواطف والأحاسيس الإنسانية ، وهو يصادم الوجدان ، والضمير أيضا ، وكل الأعراف وكل السجايا وحتى العادات ، من جهة ثالثة .

ويراد لمرتكب هذه الأمور العظيمة أن يجعل إماما للأمة ، وفي موقع رسول الله ( ص ) ، وأن يؤتمن على الدين ، وعلى الإنسان ، وعلى الأخلاق ، والقيم ، وعلى أموال الناس ، وأعراضهم وأن يوفر لهم الأمن والكرامة والعزة ، وأن يربي الناس على الفضيلة والدين والأخلاق .

فإذا كان نفس هذا الشخص يرتكب ما يدل على أنه غير مؤهل لذلك كله ، لأن ما صدر منه قد لامس كل ذلك بصورة سلبية صريحة ، فإن ذلك يعني أن معرفة هذه العظائم تصبح ضرورية لكل الناس الذين يجدون لهذا الشخص أثرا في كل الواقع الفكري ، والسياسي والمذهبي الذي يعيشونه ، وله دور حساس في كل مفاهيمهم وفي كل واقعهم الديني ، والإيماني ، بل وحتى على مستوى المشاعر والأحاسيس .

إذن ، فإن ما صدر عن هذا الشخص ليس أمورا شخصية تعنيه هو دوننا ، إذ أن ما ارتكبه لم يكن مجرد نزوة عارضة ، أو شهوة جامحة ، بل هو يعبر عن روحيته ، وعن نظرته لتعاليم الدين ، وعن قيمة رسول الله ( ص ) في نفسه ، وعن قسوته وعن حقيقة مشاعره

- ص 138 -


الإنسانية ، وأحاسيسه البشرية ، وعن أخلاقياته ، وعن قيمه ، وليست القضية هي أنه اجتهد فأخطأ فله أجر ، أو أصاب فله أجران ( 1 ) ، كما رواه لنا أتباع مدرسة الخلفاء ، وأخذناه عنهم ، وصرنا نردده من دون تثبت ، ثم إنهم بنفس هذه القاعدة ( ! ! ) برروا لنا قتال عائشة ومعاوية لعلي عليه السلام ، وثبت لهما الآجر الواحد بقتاله ، وبقتل عشرات الألوف من المؤمنين والمسلمين .

بل قد ادعوا : أن عبد الرحمان بن ملجم قد اجتهد فأخطأ في قتل علي ، فهو مأجور أجرا واحدا على جريمته ( 2 ) وأبو الغادية قاتل عمار بن ياسر أيضا قد اجتهد فأخطأ ، فهو مأجور أجرا واحدا على قتل عمار ( 3 ) .

فقضية الزهراء إذن أساسية في حياتنا الفكرية والإيمانية ، ولها ارتباط بأمر أساسي في هذا الدين ، فلا ينبغي الاستهانة بها ، أو التقليل من أهميتها . اجتهد فأخطأ ؟ ! .

وبعد : فإن أول من طرح مقولة الاجتهاد ، والخطأ في الاجتهاد ، لتبرير جرائم ارتكبها الآخرون هو - فيما نعلم - الخليفة الأول ، حينما طالبه الخليفة الثاني بإصرار بمعاقبة خالد بن الوليد لقتله الصحابي

( 1 ) هذه الرواية رويت من غير طرق الشيعة في الأكثر . .
( 2 ) المحلى : ج 10 ص 484 . والجوهر النقي : ( مطبوع بهامش سنن البيهقي ) ، ج 8 ص 58 عن الطبري في التهذيب .
( 3 ) الفصل : ج 4 ص 161 . ( * )

- ص 139 -


المعروف مالك بن نويرة ، حينما امتنع عن الاعتراف بشرعية الحكم الجديد ، وأصر على الالتزام بالوفاء للخليفة الذي أقصي عن موقعه ، ثم نزا على امرأة ذلك القتيل في الليلة التي قتله فيها بالذات ، فإن أبا بكر أطلق في هذه المناسبة بالذات كلمته المعروفة : " تأول فأخطأ " أو " اجتهد فأخطأ " ( 1 ) .

ثم جاء من روى حديثا يجعل لمن أصاب في اجتهاده أجرين ، وللمخطئ أجرا واحدا ، كما رواه عمرو بن العاص ، وأبو هريرة ، وعمر بن الخطاب ( 2 ) .

وكانت هذه المقولة بمثابة " الاكسير " الذي يحول التراب إلى ذهب ، بل هي أعظم من الاكسير ، فقد بررت أفظع الجرائم وأبشعها ، حتى جريمة قتل الأبرياء في الجمل ، وصفين ، وقتل علي بن أبي طالب ، وعمار بن ياسر كما قدمنا ، ثم بررت جريمة لعن علي ( ع ) على ألوف المنابر ألف شهر ، ثم جريمة قتل الحسين ( ع ) وذبح أطفاله ، وسبي عقائل بيت الوحي وسوقهن من بلد إلى بلد . . إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه . . ومن أجل تتميم الفائدة وتعميمها ، فقد منح جيل من الناس

( 1 ) وفيات الأعيان : ج 6 ص 15 والمختصر في أخبار البشر : ج 1 ص 158 وروضة المناظر ، لمحمد بن الشحنة ( مطبوع بهامش الكامل في التاريخ ) : ج 7 ص 167 والكامل في التاريخ : ج 3 ص 49 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي : ج 1 ص 179 ، وتاريخ الطبري ط ليدن : ج 4 ص 1410 .
( 2 ) راجع : مسند أحمد ج 4 ص 198 و 204 وراجع : ص 205 وراجع : ج 2 ص 187 وراجع : صحيح البخاري ج 4 ص 171 ، وصحيح مسلم : ط دار إحياء التراث العربي ، ج 3 ص 1342 وسنن أبي داود : ج 3 ص 299 والجامع الصحيح للترمذي : ج 3 ص 615 والمحلى : ج 1 ص 69 / 70 . ( * )

- ص 140 -


بأكمله وسام الاجتهاد ( 1 ) ، الذي يبرر له كل أخطائه ، مع أن فيهم مرتكب الزنا ، وشرب الخمر ، والقتل ، والسرقة ، وغير ذلك فضلا عن الخروج على إمام زمانه ، ثم فيهم العالم والجاهل إلى درجة أنه لا يحسن أن يتوضأ ، أو أن يطلق امرأته . بل لقد قالوا : إن ما فعلوه كان بالاجتهاد والعمل به واجب ، ولا تفسيق بواجب ( 2 ) .

بل قال البعض : يجوز للصحابة العمل بالرأي في موضع النص ، وهذا من الأمور الخاصة بهم دون غيرهم ( 3 ) .

إلى أمور ومقولات كثيرة تحدثنا عنها في كتابنا " الصحيح من سيرة النبي ( ص ) " في الجزء الأول منه ، فراجع .

( 1 ) راجع : التراتيب الإدارية : ج 2 ص 364 / 366 .
( 2 ) راجع : فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت : ج 2 ص 158 و 156 وسلم الوصول : ( مطبوع مع نهاية السول ) ج 3 ص 176 و 177 والسنة قبل التدوين : هامش ص 396 و 404 و 405 . وحول ثبوت الأجر للمشتركين في الفتنة ، راجع : اختصار علوم الحديث ( الباعث الحثيث ) : ص 182 . وإرشاد الفحول : 69 .
( 3 ) أصول السرخسي : ج 2 ص 134 و 135 . ثم ناقش هذه المقولة وردها . ( * )

جند المرجعية
جند المرجعية
Admin

عدد المساهمات : 294
تاريخ التسجيل : 30/05/2010

https://alzahra2.hooxs.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى